للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يَتَملاّكِ بنو الدُّنيا إذا ... طلَبوا في هذه الدنيا الوَفاَء

سَتَرَ الليْلُ الرَّفِيقَينِ فسَارَا ... كَيْفَ يَجْتَازَانِ في الليْلِ القِفاَرَا؟

آثَرَ الصَّدِّيقُ أنْ يَختَبِئاَ ... فَمَضَى يَطْلُبُ فِي البَيْداءِ غَارَا

عِنْدَ (ثَوْر) يَبْتَغِي مَوْضِعَهُ ... قَبْلَمَا يُوحِى لَهُ النَّجْمُ النهارَا

وَمَشى في إثرِهِ صَاحِبُهُ ... يَسْألُ اللهَ لِعَبدَيهِ اصْطِبَارَا

يُبْصِرُ الصِّدِّيقَ طَوراً سَابِقاَ ... يُسْرِعُ الخَطْوَ، وطَوراً لاَحِقاَ

ويَراهُ بَعدَ حِين قُربَهُ ... صامِتاً، يَرْنو إليهِ مُشفِقاَ

مُرْهِفاً أُذْنَيْهِ فْي البِيدِ إذَا ... هَفَتِ الرِّيحُ بِلَيلٍ أغْسَقاَ

حَذِراً يَرْتَابُ إن كان أمَامَهْ ... فَهوَ لاَ يَأمَنُ في الليلِ ظَلاَمَهْ

ومَتى عَادَ إلى خَلْفٍ رَأَي ... مَوضِعاً لَيْسَ تُرى فيهِ السَّلاَمَهْ

وَلَئِنْ سَارَ إلى جَانِبِهِ ... لَمْ يُصِبْ في ذَلِكَ السَّيرِ مَرَامَهْ

جُهْدُهُ أنْ يَتَلقَّى وَحْدَهُ ... إنْ بدا الشَّرُ، من الشَّرِ سِهامهْ

أيُّهَا البَاذِلُ فِي اللهِ اَلحَياهْ ... ياَ رَفيقاً فَاتَ في البَرِّ مَدَاهْ

أيُّهَا المُرْخِصُ في إيمانِهِ ... مَا يُعِزُّ النَّاسُ مِنْ مَال وَجَاهْ

سِرْتَ في الدُّنْيا حَدِيثاً عَطِراً ... تَنْشَقُ الدنْيا عَلَى الدهْرِ شَذَاهْ

بَلَغَا (ثَوْراً) وَمَا حَانَ السَّحَرْ ... فمَشَى يَأوِي إليّ الغَارِ القَمَرْ

يَا سِرَاجاً يَنسَخُ اللهُ بهِ ... ما تَدَجَّى مِنْ ضَلاَل وَاعْتكَرْ

قدَّرَ اللهُ لَكَ الظَعْنَ فَكَمْ ... عِبْرَةٍ فيهِ وَذِكرَى لِلْبَشَرْ

إن تَكُنْ أُوِذيتَ فيِ اللهِ لَقدْ ... كُنْتَ أَسْمَى مَنْ تَأَسَّى وَصَبَرْ

لَمَحَ الغَارَ فَأوْمَى عِنْدَ بَابِهْ ... لِلنِّبِيِّ المصطفَى، خَيْرُ صِحَابِهْ

قِفْ! تَمَّهلْ. . . بِأبي أنْتَ وأُمِّي ... رُبَّ شَرٍ خَبَأ اللّيْلُ لَنَا بِهْ

وَمَضَى يَسْتبْرِئ الغَاَرَ لَهُ ... لَيْسَ يَخَشى ماَ دَعَاهُ لاجْتِنَابِهْ

لَمْ يَخَفْ فِيهِ المُعْتمِاَ ... بَلْ دَعَاهُ حِرْصُهُ أَنْ يَقْدُما

مَدَّ في الظُلْمَةِ رِجْلَيْهِ إلى ... كُلِّ رُكنٍ بَاحِثاً لَنْ يُحْجِماَ

رُبَّ رَقْطَاَء أَثَارَتْ رِجْلُهُ ... أوْ أثَارَتْ فِي دُجَاهُ ضَيْغَماَ

<<  <  ج:
ص:  >  >>