يَفْتَدِي بِالنَّفْسِ طهَ رَاضِياً ... كلُّ سِلْمٍ عِنْدَهُ أَنْ يَسْلَما
لاَذَ بِالْغَارِ الرَّسُولُ المصطفى ... معه الصِّدَّيقُ أوْفى من وَفَا
يَقِظَ الطَّرْفِ بِهِ ذَا أُهْبَةٍ ... مُنصِتاً في صَمْتِهِ مُسْتَهدِفاَ
كُلُّ هَوْلِ عِنْدَهُ مُسْتَعْذَبُ=في سَبِيِل الحقِّ حتى يُنْصَفَا
إمْلأي اللَّحْنَ خُشُوعاً وَاحْتِشامَا ... وَاجْعَليِ شِعْري صَلاةً وَسَلاَمَا
أسجُدي قيثارَتي واقتَبسي ... مِنْ جَلاَلٍ فاتَ في الأرضِ الكلاما
أعْجَزَ القَوْلَ وَكَمْ هامَ بهِ ... مَنْ رَأى فِيهِ قُصَاراه الهُياما!
كُلَّما اسْتَشْرَفَ ذُو لُبٍّ لَهُ ... كان كالأُفْقِِ: تدانى فَتَرامَى!
هلْ رَأَى قَطُّ بنو الدُّنيا كِفاحا ... غَيْرَ نُورِ الحَقِّ لم يَهْزُزْ سِلاحَا؟
هلْ رَأَوا قَطُّ يَتيماً مُمْلِقاً ... يَتَحدّى وَحْدَهُ اللُسْنَ الفِصَاحا؟
ذَلِكَ اللائِذُ بالغارِ غَداً ... يَمْلأُ العالمَ رُشْداً وفلاحا
هلْ رَأى قَطُّ بنو الدُّنيا يَقينَا ... مِثْلَ هذا حَيَّرَ المُسْتكْبِرينا؟
ظَلَّ عَشْراً وثلاثاً صابِراً ... يَتَحدَّى سَفَهَ المُستهزِئينا
كُلَّما زادُوه مِن كَيْدِهُمُ ... وَجَدُوا مِنْهُ قَنَاةُ لن تَلينا
أيُّها الصّابرُ، بالصَّبرِ غَداً=يَفتَحُ اللهُ لَكَ الفَتْحَ المُبينا
أيُّها الهامِسُ تحتَ الغَلَسِ ... وَهْوَ مَنْ يَحْمِلُ أَسْمَى قَبَسٍ!
أيُّها المُخْرَجُ لَيلاً لم يَكنْ ... هَمسُكَ القُدْسِيُّ بالمُحْتَبِسِ
هذهِ الدُّنيا غداً تشدو بهِ ... مِنْ ضِفافِ السِّنْدِ للأندلُسِ
ذلك الغارُ الذي لاذَا بهِ ... جِدَّةٌ الدُّنيا غداً مِنْ بابهِ
يَدرُجُ التّاريخُ مِنْ رُقْعَتِهِ ... ويَفيض النُّورُ مِنْ مِحْرابِهِ
يَمحَقُ البَاطِلَ في أصْنَامِهِ ... ويُميتُ الشِّرْكَ في أنْصَابِهِ
يَسَعُ الدُّنيا غداً هَيكلُهُ ... ويَلُّمُّ المَجْدَ مِنْ أنسابِهِ
سَوْفَ يَطوي مُلكَ كسْرى لو دَرى ... غَيْرَ بَاغِ، ويُذِلُّ القَيصرا
مَوْضِعٌ في البيدِ يسمو رُكنُهُ ... للثريا وَهْوَ في أصْلِ الثّرَى
مَوْئِلُ الدّين مشى في هجرةٍ ... أذِنَ الله بها أن يُنْصَرَا