قصدنا إليه، من بيان أن النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي وجّه المسلمين إلى فتح الشام وما جاورها، ولو امتد به العمر لتم ذلك في حياته، فقد كان من الجلي أنه بعد أن اطمأن على الجزيرة وبسط عليها سلطان الدين الذي بعث به، صار همه هذا الشمال، ولكن الله اختاره إلى جواره، بعد أن أتم رسالته، وفهم عنه أبو بكر، فاتجه بالمسلمين إلى حيث أراد النبي أن يوجههم. ومن الممكن أن يقال إن أبا بكر أراد بالزحف على الشمال أن يشغل المسلمين بالحرب والفتح، بعد الردة وحروبها، وهذا صحيح، ولكن أصح منه أن هذا هو توجيه النبي عليه الصلاة والسلام، كما فهمه أبو بكر وعمر من بعده. فالنبي لم يجيء بالدين وحده، بل وضع قواعد الدولة المدنية أيضاً، ورسم لها مستقبلها العالمي وعيّن لها اتجاهاتها جميعا