يقبلون على قراءة السيرة النبوية وهي تاريخ نشأة دينهم وحياة نبيهم؟ إنها أمتع من أي رواية صاغها الخيال، وهي بعد ذلك حق وقع، ومنها يعرفون من أمر دينهم، كيف نشأ وكيف نما، ما لا يعرفه كثيرون ممن لم يدرسوا الدين إلا في كتب الفقه والأحكام
ثم إنهم يقرأون الأدب العربي: يقرأون لأدبائه المحدثين وقد يقرأون للأقدمين. فلماذا لا يقرأون الأدب السهل الخالص البالغ في كتب الحديث؟ إن كتب الحديث الصرف ليست كتب حواش وشروح كتلك التي يتصورها الشبان تدرس في الأزهر. إنها كلام الرسول صلوات الله عليه يحادث أصحابه: يأمرهم وينهاهم ويعظهم ويهديهم ويشير عليهم فيما يستشيرونه فيه من أمور الحياة. إنها أنفع لطلاب الأدب من أي أدب آخر يمكن أن يقرأوه أو يدرسوه، لأن أمور الحياة كلها يتناولها ذلك الكلام الكريم بأعذب لفظ وأسهل أسلوب: لفظ الرسول صلوات الله عليه وأسلوبه في تبليغ رسالة الله للناس ليأخذ شبان المسلمين أي كتب الحديث الصحيحة شاءوا. ليأخذوا البخاري مثلا وليقرأوه تاركين الأسانيد، أو ليبدأوا بقراءة مختصر البخاري المسمى (مختصر الزبيدي) المحذوف منه الأسانيد الطويلة والأحاديث المكررة، ثم ليرجعوا بعد ذلك إلى البخاري نفسه إذا شاءوا، إذن لرأوا العجب العجاب من فصاحة العربية وبيانها إن كانوا طلاب فصاحة وبيان، ولفقهوا من أحكام الدين وروحه ما لا يفقهه أو يعرفه إلا الذين استقوا من هذا الورد العذب الفياض، وكل ذلك في غير كلفة أو عناء
ثم القرآن! لماذا لا يقرأ الشباب الإسلامي القرآن؟ لماذا لا يجعلون لأنفسهم حصة ولو قصيرة يقرأونها من القرآن كل يوم؟ لماذا لا يمضي المسلم يقرأ من القرآن كل يوم شيئا يسيراً حتى يتم القرآن كله في الزمن الذي يتمه فيه، قصر أو طال؟ إن القرآن كلام الله عز وجل، حفظه الله للمسلمين وللإنسانية كلها من التحريف والتغيير رحمة للناس، فهل يغفل الشبان عن كلام ربهم سبحانه فلا يقرأونه وهم يقبلون على دراسة كلام الناس؟ ليقرأوا القرآن - فالقرآن سهل يسره الله للذكر - وإذا لم يفهموا كلمة منه فعندهم القواميس، وإذا لم يفهموا آية فليسألوا عنها أهل البصر بالدين. إن فعلوا - وحياتهم ونجاتهم في أن يفعلوا - فسيشعرون، إذا قرأوا القرآن وتدبروه بطهارة نفس واطمئنان قلب لا يجدهما من لا يقرأ القرآن