به البريتونيون (سكان مقاطعة البريتون قد نشب منذ عدة قرون؛ ومع ذلك لا يزال كثير من شيوخ البريتون في العصر الحاضر يتكلمون بهذا اللسان. ولا تزال اللهجة السلتية لغة محادثة بين عادة الايرلنديين في العصر الحاضر، مع أن تغلب الإنجليزية عليها قد بدأ في هذه البلاد منذ أواخر القرن الحادي عشر الميلادي. وقد أخذت لغة قريش تطغي على اللغات المضرية الأخرى منذ العصر الجاهلي؛ ومع ذلك ظلت هذه اللغات حية في كثير من المواطن إلى أواخر العصر العباسي
وغني عن البيان أن انتصاراً لا يتم إلا بعد أمد طويل لا يخرج المنتصر من معاركه على الحالة التي كان عليها من قبل. فاللغة التي يتم لها الغلب لا تخرج سليمة من هذا الصراع. بل أن طول احتكاكها باللغة الأخرى يجعلها تتأثر بها في بعض مظاهرها وبخاصة في مفرداتها كما سبقت الإشارة إلى ذلك في العامل الأول. غير أن تجرد العامل الذي نحن بصدد الكلام عنه من عنف النزاع وشدة المقاومة، وحدوث نتائجه في صورة سلمية متدرجة بطيئة، كل ذلك يعمل على وقاية اللغة الغالبة، ويخفف من مبلغ تأثرها باللغة المغلوبة
والألفاظ الأصيلة للغة الغالبة، ينالها بعض التحريف في ألسنة المحدثين من الناطقين بها (المغلوبين لغوياً)، فتختلف بعض الاختلاف في أصواتها ودلالاتها وأساليب نطقها عن صورتها الأولى.
والكلمات الدخيلة التي تقتبسها اللغة الغالبة من اللغة المغلوبة ينالها كذلك بعض التحريف في حروفها ومعانيها وأساليب نطقها فتبعد في جميع هذه النواحي عن شكلها القديم
وتقطع اللغة المغلوبة في سبيل انقراضها نفس المراحل التي أشرنا إليها في العامل الأول فينفذ الانحلال أولاً إلى مفرداتها ثم إلى أصواتها ومخارج حروفها وأساليبها في نطق الكلمات ويتم الإجهاز عليها بالقضاء على قواعدها.