قد استكملنا مظاهر استقلالنا السياسي، وما دمنا قد استشعرنا العزة القومية، وأخذنا بأسباب نهضة ترمي في الصميم إلى استقلال الفكر والأسلوب في جميع نواحي الحياة الاجتماعية
ولم يك غريباً بعد أن أصدر تيمور مسرحياته باللغة العامية وهي تعالج موضوعات مصرية، لم يك غريباً أن يقيم مدرسة جديدة في الأدب المصري، والأدب العربي المستحدث، اجتذبت نحوها مريدين وأنصاراً
وقد ننسى أن تيمور كان ممثلاً فذاً، وكان ناقداً جريئاً، وأنه أضاف جديداً إلى دولة الشعر والبيان، وأنه دبّج للإصلاح الاجتماعي مقالات عديدة. قد ننسى كل هذا، ولكننا لا نستطيع أن ننسى أن تيمور عمل للقومية المصرية الحقة بتأليف مسرحيات جديرة بالخلود لوفائها بشرائط الفن الرفيع، مسرحيات تعتبر بحق من أحسن ما أخرجته الأقلام المصرية الدائبة على أن تجعل المسرح شقة من الأدب العربي المستحدث
كذلك لا نستطيع نسيان شيء آخر، وهو نزول شاب عريق في الحسب والجاه، إلى العمل في حقل جديد، في فن وافد حديث العهد بفنون هذه البلاد وتقاليدها، ترمقه الأكثرية الغالبة من الناس بعين ملؤها الشك والازدراء. . .
لا ننسى أن تيمور كان سبباً في أن أخذ الناس يحسنون الظن بهذا الفن. وشد ما يحتاج هذا الفن إلى حسن ظن الناس به! وأنه عمل له مجاهداً فدائياً بقدر ما وسعته بيئته وزمانه، وأنه لم يلق قلم الجهاد حتى الساعة الأخيرة، ويا لها من ساعة سقطت فيها زهرة ندية بقطر الشباب، تتنفس عن عطر فاغم، بعد أن جادت بروائها وبنورها وبعطرها لتبقي منابت الورد وموارد الإلهام وحصاد الخيال ومباعث الحنان. . .
أيها السادة:
إن الذي نحتفل اليوم بتمجيد ذكراه، شاب قضى في ميعة العمر ونضوج الصبا. . . فحيوا معي العروس المختضر، وأرسلوا البسمات صافية، لأن الدموع على الشباب الراحل ضرب من السخرية، ولون شائع من الحزن الرخيص. . .