- أما الأستاذ علي فقد عرفته بمنبر السيد، ولكنك لم تذكر لي من هو محمد البقري. . .
- صاحب الزخرفة العربية الرائعة التي يتحلى بها (بنك مصر) وتياترو حديقة الأزبكية. . . وإذا كنت أنا أعرف هذين فإني أجهل صاحب السلطان حسن وصاحب مسجد القلعة والمؤيد والرفاعي، وغير ذلك من الآثار العربية الخالدة. . . فهل لك أن تسألي لي واحداً من علمائنا عنهم؟. . .
- بإذن الله سأسأل. . . ولكن لماذا لا تهتم أنت بتتبع أخبار هؤلاء وهو أمر شديد الصلة بعملك؟. . .
- قد يكون هذا حقاً، ولكن الوثائق تعوزني، فإن أغلب الآثار العربية، قد أرخت منسوبة إلى الملوك الذين أنشئت في عصورهم، ولم تنسب إلى الفنانين الذين عصروها من دمائهم، وقد جربنا على هذه السنة حتى في عصرنا الحديث فنحن لم نذكر (علي جلط) ولا (محمد البقري) في آثارهما مع أنهما محدثان قريبان وهما لم يعنيا بهذا لأنهما كانا أخلص للفن من أمثالهما الغربيين، ولم يكونا يسعيان بالفن إلى الذكر الباقي ولا إلى الربح المادي، وإنما كانا يؤديانه زكاة عما وهبهما الله من ملكة وبصيرة ونظر. ولقد كانا يتعبدان به عبادة، ولو أنه خطر لأحدهما أن يستغل فنه استغلالاً مادياً لخلف الأموال الطائلة والصيت الرنان. . . ولكن الواحد منهما كان لا يعمل إلا إذا احتاج إلى القوت، فإذا عمل تفانى في عمله وجاء فيه بالمعجزات المحيرة. . وهو الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، والذي إذا سئل عن نفسه قال إنه (نجار دقي)!
- فأي شيء هو؟. . .
- إنه مهندس زخرفة ينفذ بيده ما يتصوره عقله من غير أن يستعين على ذلك برسم التصميم على الورق. . . وهذا شيء لا يستطيعه إنسان في الغرب وعلى الخصوص إذا تصدى للزخرفة العربية المجردة المعقدة المتجددة