للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما وصلت إليه، وجدته جالساً في الفراش، متدثراً بالأغطية، وعلى ركبتيه كتاب مفتوح، والى جانبه المصباح. فما أن رآني حتى بادرني:

- آه، أهذا أنت؟. . . وأين أرتورو؟. . .

والآن. . . لعلك تذكر أنني أخبرتك في بداية القصة، أنه قد كان لي أخ أحب البحر فعمل كملاح. وأنه كان يشبهني كل الشبه، إذ كنا توأمين

صحت بدوري أسأل والدي:

- ماذا تعني؟. . . إن أرتورو في البحر. . .

بيد أنني لم أتم كلماتي حتى خالجني شعور رهيب، كاد قلبي أن يقف له عن الوجيب، بينما سمعت والدي يقول:

- لقد عاد أرتورو اليوم، فانطلق يبحث عنك، بعد أن أخبرته أن في وسعه أن يعثر عليك عند فونتي مادجيوري في الساعة السادسة، إذ أخبرتني أنك ستلقى جيوفانا. . .

وإذ ذاك، شعرت بالأرض تميد بي، فتهالكت على مقعد بجوار فراش أبي، ومضيت أقول دون وعي:

- لقد تأخرت عن الموعد، وسبقني أرتورو إلى هناك، فظنته جيوفانا إياي، وتقدمت إليه، ولما كان يعرف أنها خطيبتي فقد شاء - حباً في المزاح - أن يدعها على اعتقادها، وبعد أن طاف برهة في رفقتها، أوصلها حتى باب دارها ثم ودعها وهو ما يزال منتحلاً شخصيتي. اتخذ طريقه عائداً، يساوره الأمل في أن يلقاني فيضحك معي للفصل الذي أتقن تمثيله. بيد أنه لم يك يدرك أنني أتعقبه طيلة ذلك الوقت، ظاناً أنه شخص غريب سلبني خطيبتي، وأوقد في أعماقي نيران الغيرة

فانتفض والدي بغتة في فراشه، وكأنما أصابته رصاصة، وصاح:

- ماذا تقول؟. . . ما الذي تعنيه؟. . . أين أرتورو؟ فأجبته: لقد مات غيلة بخنجري الذي لا يزال في صدره. . .

فهت بهذه الكلمات وأنا هادئ كل الهدوء، كما لو كنت أنقلها عن شخص آخر كنت لا أستطيع أن أتصور ما فعلت، وأن أعتقد حقاً أنني ارتكبت تلك الجريمة!. . .

أجل يا سيدي، كان هذا عين ما حدث.

<<  <  ج:
ص:  >  >>