للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الورطة، فوقفنا عند تل عليه مقابر وقباب من الطين فيها بعض القبور، وكنيسة وقبر يقال إنه قبر هارون عليه السلام، وينشعب الوادي وراء هذا التل إلى اليسار، فيرى السائر جبالاً شاهقة جداً، بينها واد ضيق ينتهي إلى بناء كبير أبيض يلوح من وراء الشجر ويتضاءل على ارتفاعه بجانب الجبال الشاهقة المشرفة عليه، وهذا الدير (دير سنت كترينا).

وقبل أن أصفه، أنقل ما ذكره صاحب مسالك الأبصار نقلاً عن الشابشي:

وهذا الطور هو طور سيناء الذي صعِق عليه موسى عليه السلام. والكنيسة في أعلى الجبل، مبنية بحجر أسود، عرض حصنه سبعة أذرع، وله ثلاثة أبواب من الحديد، وفي غربيّه باب لطيف، وقدامه حجر لقيم، إذا أرادوا رفعه رفعوه، وإذا قصدهم متغلّب أرسلوه، فأنطبق، فلا يعرف أحد مكان الباب. وداخلها عين ماء، وخارجها عين أخرى.

قال:

(زعم النصارى أن بها من أنواع النار الجديدة التي كانت ببيت المقدس، يوقدون منها في كل عشية السراج، وهي بيضاء ضعيفة الحر، لا تحرق. ثم تقوى إذا هم أرادوا أن يوقدوا منها).

وهو عامر بالرهبان. فلا يخلو من أحد من أهل البطالات للتفرُّج فيه والتبرك - على رأيهم - به.

وهو من الديارات الموصوفة والأماكن المقصودة. وممن وصفه ابن عاصم. قال فيه:

يا راهبَ الديَّر، ماذا الضوءُ والنورُ ... فقد أضاء بما في دَيْرك الطور؟

هل حلَّتِ الشمسُ فيه دونَ أبرُجها ... أو غُيّب البدر ' فيه فهو مستور؟

فقال: ما حلَّه شمسٌ ولا قمرٌ، ... لكن يُقَرِّب فيه اليومَ قَوْرير!

عبد الوهاب عزام

<<  <  ج:
ص:  >  >>