للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

النهضة الحقيقية للأدب الحديث ترجع إلى عهد مشئوم، هو النزاع بين الرجلين العظيمين: عدلي يكن وسعد

زغلول. ففي ذلك العهد صارت الكتابة والخطابة عنصرين أساسيين في تكوين الأدب المصري الحديث. وبفضل النزاع بين عدلي وسعد خُلقت جرائد ومجلات وأندية صار لها في نهضة الأدب مكان ملحوظ. وبفضله استطعنا أن نذيع في الشرق فنّاً جديداً، هو الأدب السياسي، وهو فنٌّ كان انقرض بانقراض النضال بين أشياع بني أمية واتباع بني العباس. وإليكم هذه النكتة:

كان شاع أني أخاصم الأستاذ الدكتور طه حسين، فكتبت في الهجوم عليه مقالات كان لها وقعٌ حسنٌ أو سيئ عند قراء اللغة العربية، واطلع الأستاذ محمود بسيوني على بعض تلك المقالات فانزعج أشد الانزعاج وسعى للصلح بيني وبين الدكتور طه في حفل مشهود حضرهُ العمداء وكبار الأساتذة بكليات الجامعة المصرية، فهل تعرفون نتيجة ذلك الصلح المشئوم أو الميمون؟

تلفَّت الناس متوجعين لضياع فرصة ثمينة هي فرصة الجدل حول المذاهب الأدبية، فهل فيكم من يتفضل بالسعاية بيني وبين الدكتور طه حسين لأرجع إلى مصاولته من جديد؟

كان بيني وبين الدكتور طه ودٌّ وثيق، ولكن رعاية ذلك الود لم تنفع الأدب بشيء، لأن كل ما يصدر عنه كان يقع من نفسي موقع مقبول، فلما ثار عليّ وغضبت عليه أتيت في مصاولته بالأعاجيب، فمن ذلك الذي يتفضل فيفسد ما بيني وبينه لأجد الوقود لسنان قلمي؟ أليس فيكم دساس ظريف ينقل إليه أنني اغتبته من فوق منبر كلية الآداب؟

اتقوا الله وأفسدوا بيني وبينه وبين سائر الأساتذة لتسمعوا صرير القلم الذي تعرفون! وهل فيكم من ينكر أن مجموعة نهج البلاغة من أعظم الذخائر الأدبية؟ فهل كان يمكن أن يظفر الأدب بتلك المجموعة النفسية لو أعتدل الميزان فصار عليّ ابن أبي طالب أول خليفة أو ثاني خليفة بعد الرسول؟

إن غيض ابن أبي طالب على أهله وزمانه هو الذي أرَّث في صدره نيران الحقد على الدنيا والناس فزفر بتلك الخطب الروائع غالبت الدهر وصابرت الزمان

وما هي الظروف التي خلقت مواهب الشيخ محمد عبده؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>