ريح شديدة فقوضتها، فتكلم الناس في ذلك وأكثروا، فقال المتنبي:
أيقدح في الخيمة العُذَّلُ ... وتَشملَ منْ دْهرَها يشمل
وتعلو الذي زُحَلٌ فوقه ... مُحالٌ لعمرك ما تُسْأل
تضيق بشخصك أرجاؤُها ... ويركض في الواحد الجحفل
وكيف تقوم على راحةٍ ... كأن السحاب لها أنمُل
فلا تنكرنَّ لها صرعة ... فمن فرح النفس ما يقتل
ولو بلغ الناس ما بُلَّغت ... لخانتهمو حولك الأرجل
ولما أمرت بتطنيبها ... أُشيع بأنك لا ترحل
فما اعتمد الله تقويضها ... ولكن أشار بما تفعل
فما العاندون وما أمَّلوا ... وما الحاسدون وما قوَّلوا
همو يطلبون فمن أدركوا؟ ... وهم يكذبون فمن يَقبلُ؟
وهم يتمنوْن ما يشتهون ... ومن دونه جدُّك المقبل
٦ - كان أبو إسحاق إبراهيم عبد الله البحتري يوماً عند أبي المسك كافور الأخشيدي فدخل عليه الفضل بن عباس فقال: أدام الله أيام سيدنا الأستاذ (بخفض أيام وحقها النصب)
فتبسم كافور إلى أبي إسحاق البحتري! فقال مرتجلاً:
لاغرو إن لحن الداعي لسيدنا ... وغص من هيبة بالريق والبهر
فمثل سيدنا حالت مهابته ... بين البليغ وبين القول بالحصر
فإن يكن خفض الأيام من دهش ... من شدة الخوف لا من قلة البصر
فقد تفاءلت في هذا لسيدنا ... والفأل مأثرة عن سيد البشر
بأن أيامه خفض بلا نصب ... وأن دولته صفو بلا كدر
٧ - كان لعضد الدولة أحد الرؤساء أبن خُلِعَ عليه خلعة سنية، وركب إلى منزله - والناس بين يديه - فعثرت به فرسه فسقط من فوقها، ثم ركبها ثانية من ساعته فلهج الناس بالقول في الطيرة، فقال الوجيه الشاعر:
لا تعذل الفرسَ التي عثرتْ ... بك أمسِ قبل سماعك العذْر
قالت مقالاً لو علمتَ به ... لم تولها لوماً ولا هجرا: