للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصدامك مع الناس، وحربك مع هذا العالم. . . وأنصتوا يصغون لهذا النشيد الدائم الخالد: نشيد (الأحلام والأوهام) و (الحقائق والأباطيل) و (الأزهار والأشواك) و (العقول والقلوب). . . فنفثت فيهم ببراعتك لباقتك السحر والعطر والجمال. . .

ولم تنس يا سيدي أن تقص علينا طرفاً من حياتك. . . فأنت في كلية الآداب، ولكلية الآداب في تاريخك صفحات وصفحات. . . فَلِم لا تنشر هذه الصفحات في مدرج الكلية، وعلى عيني طلبتها وطالباتها. . . ليروا مدى برّك بها، وميلك إليها، وغيرتك عليها؟! ولم لا تغتنم هذه الفرصة فتضع أيديهم على أمور وأمور تعتقد أن من واجبك أن تنبه إليها، وتتحدث عنها؟!. . .

وحديث ليلى يا سيدي. . . حتى ليلى هذه كان لها في خطابك نصيب، وفي موضوعك حظ. . . وفي أوراقك ذكر. . . وكانت ليمينك يمين. . . ولجيشك جناح. . .

ولقد استطعت يا سيدي بما آتاك الله من طلاقة ووهبك من اندفاع وبما أفضت من روعة ونثرت من رياحين أن تهدئ ثورات وتسكن نفوساً، وتسكت غاضبين. . . وأن تخرج من وسط الضجة الناقمة، والصخب الثائر بالهتاف الذي ملأ الجو، والتصفيق الذي كان يمثل نبضات القلوب الخافقة. . .

وضمن لك هذا الأسلوب البارع، وهذه القدرة الخطابية، أن تمر بكثير من القضايا. . . فتعرض على الناس طرفاً منها ووجهاً لها؛ ثم تخلص منها إلى غيرها على أنها قضية مسلمة، وحقيقة واقعة. . . ولقد بلغت أكثر من ذلك. . . حين خضت طرفاً شائكاً وعراً. . . وقدت الناس فيه، وخرجت منه مظفراً. . .

لم تدم لك قدم، ولم يقف في طريقك ما يقف في طريق الناس من عقبات وحواجز. . .

ولكن، أليس من حق الناس، وقد اكتسبت المعركة، وظفرت بالنصر، واكتسحت الخصوم الأقوياء، أن يقفوا عند هذه القضايا التي طويت عليها كتابك أمس. . . فيتحدثوا عنها، وقد هدأ الحماس الثائر، وسكنت الأكف المصفقة، وتنفس الصبح عن الوضح المبين؟!. . .

نحن نحب أن نتساءل عن قولك: (إن أكثر أهل الجنة من البَله). كيف استطعت أن تنجو معها من إخواننا الأزهريين الذين كانوا يملئون جنبات المدرج؛ وكيف سكتوا عنها حتى لكأنك لم تمر بها؟. . . إن تعليلك طريف حقاً. . . ولكن هل ترضاه الآن بعد أن خرجت

<<  <  ج:
ص:  >  >>