للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من ميدان المعركة؟!

وشئ آخر يا سيدي. . . إنك تقول إن الأدب لا يزدهر في البيئات الساكنة، وإن رجال الدين ومن في مثل منزلهم لم يصدر عنهم أدب صحيح قيم. . . فهل أنت مؤمن بهذه الدعوى العريضة؟. . . وهل يستطيع أحد أن ينكر أن للبيئة الهادئة أدبها الهادئ الجميل. . . وأن كثير من الرجال الدين والمتدينين قد صاغوا من هذا الهدوء الذي نعموا به، وهذه اللذاذات العقلية التي عاشوا فيها الوجدانيات من الأدب الرفيع؟!

وهل يغفل الإنسان عن الحقيقة الناصعة في أن طائفة كبيرة من أدباء الشرق العربي في جيل الماضي وفي الجيل الحاضر هم من هموم من رجال الدين الذين قرأ لهم الناس الشعر، وقرءوا لهم النثر، وكانوا من عمد هذه النهضة الجديدة؟!. . .

أو ليس صحيحاً أن الأكاديمية الفرنسية تضم فما تضم بعضاً من رجال الأكليروس. . . أم أن ذلك كان بعد رجوع الدكتور من باريس؟!. . .

وماذا بعد؟ إني لأحاول أن أجوز إلى الناحية الثالثة التي استوقفتني في خطاب الدكتور لولا أني أخشى أن أهتم بالعصبية أو الإقليمية أو الهوى. . . وإنما هواي مع مصر، وعصبيتي لها. . . ولكن ما يمنعنا أن نكون أقرب إلى الدقة والى الأنصاف؟!. . . وهل يعاب الحق إن هو لم يساوق بعض الأهواء الجامحة؟!

ما علي إذن إن أنا وقفت عند كلمة الدكتور: (إن مصر أقدر الأمم الإسلامية على التفكير الدقيق وعلى التأليف) وما عليّ أن أتساءل ويتساءل معي كثيرون، وأن نرجوا الدكتور أن يكون متئداً هادئاً، لا يدل ولا يتيه فمصر زعيمة العالم العربي. وهي موطن أمله، وموضع رجائه، ومحط أمانيه؛ وهي بلد رجاله ومنبت أبطاله، ومبعث النور فيه. . . ولكن هذا لا يعني يا سيدي الدكتور ألا تكون الأقطار الإسلامية الأخرى قادرة على مثل هذه الدقة في التفكير، وهذه الكثرة في التأليف. . .

والذين هم في مكان القيادة يا سيدي، ليأخذوا بيد الضعيف، ويمدوا في قوة العاجز، وينيروا السبيل للضال. . . لا يعيبون على الضعيف ضعفه، ولا يأخذون عليه عجزه، لأن هذا لا يتسق مع تواضع النعمة؛ وحق الاخوة، وشكر الله. . .

وفي الأقطار التي تعنيها يا سيدي نهضة وحركة. . . وقدرة على (التفكير الدقيق) غير أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>