أنه ليس من قياس العربية أن يجمع (غبار) على (غبارات) ولا غيرها من الجموع، وأن ابن شبرمة لم يُردْ تحقيرَ العلم نفسه فيجعل ما بقى منه (غباراً)،
وإنما أراد أنه بقي من العلم شي هو من صحيح العلم، ولكنه وقع في صدور رجال من أهل الباطل يفتونَ الناسَ يضِلّ بهم من يضِلُّ إذ يحسبونهم لا ينطقون بباطل ما داموا أصحاب فقه ودين وعلم. ولم تكن الشهادات وألقابها عرفت لعهد أبن شبرمه حتى تكون هي التي تقدر العلماء وتميزهم للناس، وإنما كانوا يتميزون بالعلم، فإذا لم يكن علم لم يعدهم الناسُ في العلماء. ثم إن الغبارَ لا يمكن أن يُوكي عليه في وعاء حتى يصح أن يجعل - ما أغلقت عليه صدورهم من بقية العلم - غباراً. فلو صح نص العقد لكان المراد تحقير العلم وأصحابه جميعاً
وأخيراً، فنحن نرفض نص العقد من جهة بيان العربية وتحريرها، ونقول: إنه لا يصح أن يروى إلا هكذا: (ذهب العلم إلا غبرات في أوعية سوء). وإذا كان الدكتور بشر أو غيره يريد أن ينحاز إلى رأينا بنص آخر، فلا بأس علينا أن ندله عليه فقد روى ابن عبد البر في كتابه (جامع بيان العلم وفضله) - المطبوع في سنة ١٣٤٦ عن نسختين قديمتين: إحداهما للإمام الشيخ الشنقيطي، وعليها خطه في الجزء الأول منه (ص ١٥٣ سطر ٦) بإسناده إلى محمد بن سيرين (وليس ابن شبرمة) قال: (ذهب العلم فلم يبق إلا غبرات في أوعية سوء). فهذا نص، وهناك نصوص غيره؛ فمن شاء أن يبحث فليبحث، ونصيحتنا إلى من عنده نسخة من العقد - أي الطبعات كانت - فليصححها بالذي أثبتناه، وما سوى ذلك، فهو - كما قال - أبو عثمان: غلط صرف وكذب مصمت. . . والسلام
محمود محمد شاكر
الأدب الإنجليزي والروح الإنجليزية
ألقى الأستاذ دوفر ويلسون، أستاذ البلاغة والأدب الإنجليزي في جامعة أدنبره، بعد ظهر الاثنين الماضي في المدرسة الإنجليزية بالإسكندرية، أولى المحاضرات التي دعي إلى إلقائها من إنجلترا، وكان موضوعها (الأدب الإنجليزي والروح الإنجليزية) فأستهل كلامه بقوله إن بريطانيا استطاعت أن تعمر نصف أقطار العالم، وإنها تعد مهد الديمقراطية