معروف بالكذب كابن الكلبي - ومع ذلك فقد رأينا مدرساً من (هؤلاء) المدرسين يعتمد عليه في رواية عرضها ابن الكلبي بصيغة التضعيف، ويقرر لتلاميذه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسجد للأصنام في الجاهلية، وأن ذلك معنى قوله تعالى:(ووجدك ضالاً فهدى).
ومنهم من ادعى حل الخمر عند فقهاء العراق ظناً منه أن النبيذ معناه الخمر المعروف. . .
ومما يقع فيه (هؤلاء) المعلمون الذين يحملون يداً فيها (الشهادة الرسمية) ورأساً مثل فعل (قال) في الصرف. . . أنهم لا يعرفون درجات الحديث ولا مصطلح أهله. وهم لذلك يروون الحديث الموضوع على أنه صحيح، ويأخذون الأحاديث من كتب الأدب والمحاضرات. ولقد قرأت في كتاب لأديب من أدباء هذا العصر نسبة حديث إلى الصفحة (كذا) من كتاب الأغاني، وإثباته ذلك في حاشية الصفحة كما يعزو العالم إلى (البخاري) أو (مسلم)!
وأكثر (هؤلاء) المعلمين، يدرِّسون التاريخ بالهوى، ويسيرون فيه بالغرض، ويضعون النتائج أولاً، ثم يختلقون لها المقدمات، فعل أساتذتهم من المستعمرين. فالشيوعي منهم يدرس التاريخ بهوى شيوعيته ويسوقه مساق هواه، ولو جار على الحق أو خالف الرواية؛ والقومي (النازي) يبحثه بقوميته وإلحاده، فيكذب فيه على الواقع فيقول بأن العرب كانوا بالغين ما بلغوه ولو لم يأتهم الله بالإسلام، وأن الإسلام فرع من العروبة، ويموِّه على ضعاف العقول بقوله:(نحن عرب قبل أن نكون مسلمين) مع أن العرب ما كانوا شيئاً لولا الإسلام، وأن تاريخ العرب الحق يبدأ بسيد كل عربي خاتم الأنبياء محمد رسول الله إلى الناس كافة، الذي قال:(لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى). وقديماً حرف التاريخ ذوو الأغراض والنحل وصرفوه إلى غاياتهم وأغراضهم.
وبعد فهذه طائفة قليلة من القصص التاريخية، ليست كاملة ولا مبراة من العيوب، ولكنها باكورة الثمار وهي مكتوبة في أزمنة مختلفة في أسلوبها تفاوت، ولعل الله يوفق إلى الثمار الناضجة، ويكتب لنا وللمشتغلين النجاح، ويلهم
الكسالى العمل، ويجعل منا أمة كالأمة التي كتبت بفعلها هذا (التاريخ العظيم).