للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويعرف من قاطعوني أن شأني أعظم مما يظنون. في خمس دقائق تحول السامعون إلى من حال إلى أحوال فصاروا جميعاً من أنصاري، في خمس دقائق شهدت أحجار كلية الآداب بأن المنطق أعظم من التنكيت، في خمس دقائق عرف غريمي أن سهر الليل في الاستعداد للحرب أمر يوجبه العقل الصحيح

وبعد كلمات ألقاها الأستاذ مندور والدكتور موسى طلب رئيس المناظرة أصوات الحاضرين فكانوا جميعاً في صفي، وهتف هاتف: (تحيا الفوضى الاجتماعية!)

فأجبت: (تسقط الفوضى ويحيا النظام!)

والآن، يا صديقي الزيات، أحب أن أسجل في مجلتك ظاهرة من شمائل الجيل الجديد، لتعرف أن اليأس الذي يساورنا قد يكون من الأوهام في أكثر الأحايين

وهذه الظاهرة هي يقظة الجمهور في هذا العهد، وقلة انخداعه بالتزاويق والتهاويل. وأؤكد لك أنه كان مفهوما عند أنصاري أني لن أخرج من تلك المعركة بغير الهزيمة، وأن التعلق بالشكليات سينفع خصومي فيظفرون بالنصر المبين

وقد أراد الأستاذ لطفي جمعة أن يغض من جهودي فقال إني شغلت نفسي بالموضوع أياماً وليالي، ولكن هذه السخرية لم تنفع، لأن الاستعداد للنضال من أصول التشريف، وهو يقابل عند الجمهور بالإعزاز والتبجيل. وهل كان يجوز لي أن أستخف بمناظرة تقام في كلية الآداب؟

وهذا النصر الذي نظفر به من وقت إلى وقت هو الذي ينسينا ما قد نجني من الحنظل في الحياة الأدبية، وهو الذي يهون ما نعاني من عقوق الزملاء، أو (بعض) الزملاء!

وقد حدثتك في مطلع هذا الحديث أني سأريح قراء الرسالة من شطحات قلمي شهراً أو شهرين، فلتعلم وليعلموا أني قد أشتاق إليك وإليهم فأرجع بعد أسبوع أو أسبوعين، والسلام.

زكي مبارك

<<  <  ج:
ص:  >  >>