والجوار بين فرنسا وإنجلترا وإيطاليا وأسبانيا والبرتغال لم يؤد إلى تغلب لغة شعب منها على لغة شعب آخر. لأن احتكاك لغاتها لا ينطبق على حالة من الحالتين اللتين يحدث فيهما التغلب بالمجاورة.
ولهذا السبب نفسه لم يؤد الجوار بين الفارسية والعراقية والتركية والأفغانية إلى تغلب لغة منها على لغة أخرى
وكذلك شأن الإنجليزية في الولايات المتحدة بأمريكا الشمالية مع الأسبانية المجاورة لها في المكسيك، وشأن البرتغالية التي يتكلم بها في البرازيل مع الأسبانية التي يتكلم بها في الجمهوريات المتاخمة للبرازيل بأمريكا الجنوبية؛ وشأن الحبشية مع الصومالية. وهلم جرا
ولكن عدم تغلب إحدى اللغتين لا يحول دون تأثير كل منهما بالأخرى.
فقد تأثرت اللاتينية بالإغريقية في أساليبها وآدابها، واقتبست منها طائفة كبيرة من مفرداتها.
وقد تركت اللغة العربية آثاراً قوية في الأسبانية، وبخاصة في المناطق التي كانت تسمى بالأندلس أو أندلوسيا دام سلطان العرب عدة قرون.
والصراع بين العربية والفارسية، وإن لم ينته إلى تغلب إحداهما قد ترك في كل منهما آثاراً واضحة من الأخرى؛ وبخاصة من ناحية المفردات.
والصراع بين التركية ولغات الأمم التي كانت خاضعة للإمبراطورية العثمانية، وإن لم ينته إلى تغلب لغوي، قد ترك في التركية آثاراً قوية من هذه اللغات، وبخاصة من اللغة العربية وترك كذلك في كثير من هذه اللغات آثاراً ظاهرة من التركية وقد بلغ هذا التأثير مبلغاً كبيراً في بعض هذه اللغات: فلغة العراق في العصر الحاضر مثلاً قد أخذت عن التركية كثيراً من المفردات وبعض الأصوات التي لا نظير لها في العربية، (كالصوت الذي ينطق به بين الشين والجيم المعطشة في مثل (عربنجي)) وطائفة من القواعد الصرفية كقواعد النسب والنعت والإضافة في مثل (عربنجي)(نسبة إلى العربة)، (خوش ولد): (خوش كلمة فارسية الأصل معناها: حسن) - كتبخانة (دار الكتب)
والإنجليزية الحديثة في إنجلترا والفرنسية الحديثة في فرنسا تتقارضان المفردات منذ أن