وكبرياؤه وغروره، والصلف والكبرياء والغرور من الصفات التي يراها البشر عامة شذوذاً وانحرافاً عن الفطرة الإنسانية السهلة السمحاء وليس يقبل فريق من الناس أن يكون الإنسان ذا صلف وكبرياء وغرور إلا الألمان، لأنهم كلهم هكذا أصحاب صلف وكبرياء وغرور، فمجتمعهم مملوء بهذه الصفات حتى إنهم لم يعودوا يرون فيها غرابة ولا شذوذاً ولا عيباً، وقد يقبل الناس من غير الألمان أن يروا إميل جاننجز في دور تمثيلي فيه صلف وغرور وكبرياء، ولكنهم لن يقبلوه في هذا الدور بهذه الصفات إلا إذا كانت هذه الصفات مما يستدعيه الدور، كأن يكون دور قائد من المحاربين المغامرين المفتونين، أو حاكم من الحكام المستبدين المغرورين، أما إذا لم يستدع هذا الدور هذه الصفات وظهرت هذه الصفات في لهجة إميل جاننجز وإلقائه للإنجليزية أو الفرنسية فإن الناس سيضحكون عليه من غير شك لأنها صفات غريبة على الدور خارجة عن طبيعته. . . أولا تضحكين أنت من المتكبر المغرور إذا لم يكن له جاه يبرر - ولو للعرف - كبرياءه وغروره؟. . . لهذا عجز إميل جاننجز عن التمثيل بالإنجليزية
- وهؤلاء الممثلون جميعاً الذين يمثلون في هوليوود باللغة الإنجليزية وهم من شعوب مختلفة ولهم ألسنة مختلفة، ألا يراعون هذا الذي يراعيه إميل جاننجز وشارلي شابلن وموريس شفالييه؟
- أما شفالييه، فهو لا يراعي شيئاً كما قلت لك، واللذان يراعيان هما شارلي شابلن وإميل جاننجز، فهما من عشاق الكمال الفني، وقد تركزت في كل منهما خصائص قومه، فهو في فنه يمثل شعبه في حياته، فهذا شارلي ضاقت العبرية به، فصمت وانتشر بصمته في الأرض، كما ضاقت الأرض المقدسة عن بني إسرائيل، فصمتوا عنها وانتشروا في الأرض، وهذا إميل جاننجز ضاقت به الألمانية، فتشبث بها وانحصر في حدود بلاده يجتر كبرياءه وصلفه وغروره كما ضاقت ألمانيا نفسها بأبنائها فلم يصمتوا عن صلفهم وكبريائهم وغرورهم، وإنما انحصروا في أرضهم يأكلون صراخاً وزعيقاً وصخباً وجلبة. ولو كانوا على شيء من الحكمة، لنزلوا عن شيء من صفاتهم هذه، ولكانوا كالإنجليز معتدين بأنفسهم ولا غرور، أو كانوا كالمسلمين معتمدين على الله ساعين في أرضه الواسعة بالحق والسلام والصبر في البأساء ويوم البأس. . . كم أريد أن أسمع صوتاً مسلماً: في حديث أو غناء أو