ترتيل أو تمثيل لحال أو موعظة تلقى. . . ولكن أين نحن من هذا. . . إنه لن يكون إلا إذا أسلم كاتب من الكتاب، فاهتدى إلى موضوع مسلم، فكتبه، فعهد به إلى مخرج مسلم، فسلمه إلى ممثلين مسلمين وملحنين مسلمين ومغنين مسلمين، فعندئذ فقط نسمع الصوت المسلم. . .
- وهذه الأصوات التي تسمعها؟ ألا يشبعك منها ولا صوت جورج أبيض؟. . .
- فيه رنة لذيذة كرنة الذهب، ولكن فيه أيضاً عجمة غريبة تشربها في فرنسا حيث تعلم التمثيل، وإنه في هذا يشبه الدكتور طه حسين بك في إلقائه، فهو ينطق الحروف العربية سلة مسلمة نقية مجودة، ولكنه إلى هذا يموج صوته في إلقائه تمويجاً فرنسياً فيه التلطف، وفيه القصد إلى التأثير، وفيه التأنق في الاسترسال والتأنق في الوقف، وهذا شأن مستشرق فرنسي تعلم العربية فأجادها، وليس شأن عربي يتكلم. والدكتور طه معذور في هذا فقد تعلم في مصر ولكنه تربى في فرنسا وقد اختار أن يتفرنس ثم يستشرق لأنه رأي المستشرقين الفرنسيين أرقى علماً وأخصب حالاً من المصريين ومن العرب، وأنا مؤمن بأن الدكتور طه لو كان قد احتك بمثل إنساني حي أعلى منه ومحبب لديه من المسلمين أو المصريين أو العرب لكان قد مكن لغته العربية من نفسه على مثال تمكنها من نفس ذلك المثل الذي لم يره فلم يجد بداً من أن يبحث عنه بين المستشرقين، كما تعلم الأستاذ جورج أبيض التمثيل على يد أستاذ فرنسي فطوع له نفسه حتى تترجمت إلى نفس فرنسية تلقى العربية برنة فرنسية هي صدى لأسلوب الإحساس الفرنسي الذي دربه عليه أستاذه. . .
- وهل للإحساس أساليب؟
- من غير شك. تصيب المسلم المصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ويقبل على الحياة مجاهداً وهو يقول: لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، والمؤمنون لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وتصيب الكافر المصيبة فيهلع لها ويتخبط من جزعه في أرجائها فلا يخرج منها - إن خرج - إلا منهوكا زادته المحنة كفراً وبعداً عن الله واستغرقاً على نفسه، له أسلوبه في الحس وللمسلم أسلوبه، وأسلوب الكافر ظاهر في لهجته وكلامه، فهو نضطرب حائر يلفظ الكلمة يكاد يخفيها أو يأكلها خشية أ، تفضح ما في نفسه، فإذا أفصح انفضح اضطرابه وهلعه وجزعه، وأسلوب المسلم ظاهر في لهجته وكلامه، فهو مطمئن هادئ مستبشر واثق