من رحمة ربه. . . ولكل شعب من الشعوب أسلوب في الحس ومختار من الإحساس يحبه ويغذيه من نفسه وينميه فيها فيظهر في لهجته وكلامه. فالألمان يعتقدون أنهم أقوى ما في الدنيا ولذلك فإنهم يقبلون على الدنيا بهذا الإحساس يتحدون كل قواها مقعقعين بلغتهم وكلامهم كأنهم المدافع، والفرنسيون يعتقدون أنهم أجمل ما في الدنيا وأشد ما فيها عصفاً وهم لهذا يقبلون على الحياة مدللين متأنقين متلطفين مغرين الناس بأنفسهم قد أرهفوا انتباههم إلى مسة تخدشهم فما تخدشهم حتى يثوروا فما يسترضون حتى يرضوا. . . طبيعة الجميل المدلل الأنيق المتلطف؛ وكل هذا باد في لغتهم ومطاتها الرشيقة ووقفاتهم الأنيقة كما يبدو في عواصف إلقائهم وزوابعه إذا هم غضبوا. . . وأهل لبنان في إلقائهم للعربية بداوتهم الباقية وعنجهيتها الفخور. . . وأهل المغرب في سرعة إلقائهم ومضغ الحروف و (كركبة) الألفاظ بعضها فوق بعض لا يزالون في الهلع الذي أصابهم منذ أريحوا عن الأندلس بما كانوا يلهون فيها. . .