للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي لا يرى للحياة معنى من دونه؟ ولم يكد يخطو من منزله إلى منزل إلى منزل عمه حتى رأى عزيزة فناداها وهم بسؤالها ولكنه لم يعرف كيف يدير الحديث إلى غرضه ففهمت ما يريد فقالت في لهجة الواثق: (ما تخافش أبداً يا سيدي حسين أنا عارفه. . .)

- عارفه إيه؟ هل قالت لك حاجة؟ لازم أعرف

- لا ما فيش حاجة إنما أنا عارفة وبكره تشوف وأبقى قول عزيزة قالت لي ولي عندك الحلاوة

وانصرفت عزيزة مخافة أن يراها سيدها، ووقف حسين في مكانه يدير كلامها في عقله متسائلاً هل أتت به من عندها أم سمعت شيئاً من سيدتها ولكنها لا تذكره لأنها لم تؤمر بذكره؟ وفزع بآماله إلى الرأي الثاني فهدأت ثورته قليلاً

مضى حسين إلى (دوار) عمه، وجلس وحده في ركن هناك، وظل يتفكر في همه مطرقاً حتى أحس بيد على كتفه فرفع بصره فإذا هو ابن عمه أحمد، وكان هذا على خلاف أبيه، يبدي المودة لحسين، ويكاشفه بما في نفسه. . . ومال الحديث بين الفتيين أول الأمر إلى الأرض التي يريد أن يستأجرها البك بالقرب من عزبة علي بك، وأظهر أحمد خوفه من عاقبة هذا العمل، ثم أفضى إلى حسين أن علي بك يستأجرها كل عام من البنك، وعلي بك رجل خطر فتاك وبينه وبين أبيه ضغائن وإحن قديمة وليس من الحكمة أن يأتي أبوه هذا العام فيغري البنك بأن يأخذها هو نظير زيادة في الإيجار، وليست به حاجة إليها، بينما يحتاج إليها علي بك أشد الحاجة لأنها تفرج عنه ضائقته التي يعانيها منذ بضع سنين، فضلاً عما في فعل والده من معنى التحدي والتعدي وهو أمر له خطره الشديد عند الأسر

ووثبت إلى ذهن حسين صورة ذلك الفتى الذي مر به غداة ذهب إلى كوخه، والذي كره حسين مرآه ورأى الإجرام واضحاً في وجهه الشبيه بوجه الذئب؛ ولم يدر حسين لم يذكر الآن ذلك الفتى ولم يبعث تذكره في قلبه الرهبة ويشيع في نفسه الكآبة. ورأى حسين في وجه ابن عمه أنه يريد أن يحدثه في أمر، فسبقه حسين إليه وقال ضاحكاً: (مبارك النسب الجديد يا سي أحمد)

- لا دي مسألة وتفوت. عمك يريد معاندتك. . . إحنا كلنا معك، مين يفوت ابن العم ويفضل الغريب - لا تهتم غاية ما في الآمر لا تعاند عمك. وازدادت المحبة في قلب

<<  <  ج:
ص:  >  >>