فكر حسين وأطال التفكير، وبينما هو يقلب الأمر على وجوهه، إذ لمح عفراء مقبلة فحيت باسمة ولمحت عيناها السرعتان اللهم في وجهه، فقلت مداعبة:
- أعف البخت وأقرأ الضمير. . . فهل تريد؟
- أين الرمل والودع؟
- لا. . . يكفي هذا الطمي. . . أرمي بياضك
- ودهشت الغجرية أن رأت حسيناً يرمي إليها جنيهاً براقاً كعين الشمس، ولم تصدق أنه لها أول الأمر حتى استيقنت من ذلك فراحت تقول وهي تخطط الطمي بإصبعها:
- عدو جديد. . . أحذره، ولكن الوردة لك لا لغيرك. . . صلي على النبي. . . واحد يكرهك وواحد يوز عليك والباقي يحبونك وأنت منصور. . . شر كبير ولكن يفوت وربنا يسلم
وسكتت العرافة وتلعثم لسانها، وجرت صفرة في وجهها الوردي، واختلجت عيناها واضطربت أصابعها، ثم قالت:
- وفهم ما تريد ولكنه تغابى، ودنت العارفة منه وهمست في أذنه كلاماً دق له قلبه وانطفأت حمرة وجهه وارتعدت مفاصله. . . وانطلقت وبودها لو عرف الوردة الأخرى وشمها شمة. . .
إذاً فقد أصبح الوهم حقيقة. . . فهذا الذئب ما جاء إلا يفتك بعمه، ولكن من أدرى عفراء؟ لعلها سمعته يفضي بسره إلى زميل له من البدو. وماذا يفعل حسين؟ لقد مرت برأسه فكرة ارتاع منها وانتفض لها جسمه. . . لا، كيف يسكت؟ أيطيق أن تفجع ثريا في أبيها؟. . . وهو؟ أليس هو عمه على الرغم من كل شيء؟ ألم ينحدر هو وأبوه من صل واحد فهو بذلك قطعة من أبيه. . .؟ وكيف يلقى الله ودم عمه على يديه؟ وكيف يهنأ بعيشه بعد الجريمة. . . إنه يحس أن سكوته اشتراك بكل معاني الاشتراك ويوسوس له الشيطان فيقول: هبك لم تعلم ومات عمك أفلا تتمتع بملكك وحبيبة قلبك؟ كلا. . . كلا. . . إن الدم لا يهون؛ وهو يعلم ما يبيت لعمه. . . ولكن كيف تزف ثريا إلى غيره ثم لا يحدث ذلك إلا نكاية فيه؟ ويحه ما باله! تنازعه هذه الهواج والأمر بين؟ ماله يلتفت نحو الترعة؟ أيريد أن