فأصبحت الآن لغة الحديث والكتابة لنحو ٧٠ مليوناً من سكان أوربا بعد أن كانت قديماً مقصورة على بعض المقاطعات الألمانية
٢ - أن ينتشر أفراد شعب ما - على أثر هجرة أو استعمار - في مناطق جديدة بعيدة عن أوطانهم الأولى، ويتكون من سلالاتهم بهذه المناطق أمة أو أمم متميزة كثيرة السكان، فيتسع بذلك مدى اتساع لغتهم، وتتعدد الجماعات الناطقة بها، ويكثر أفرادها. والأمثلة على ذلك كثيرة في العصور الحديثة. فقد نجم عن استعمار الإنجليز السكسون لأمريكا الشمالية وأستراليا ونيوزيلندا وجنوب أفريقية أن انتشرت الإنجليزية في هذه المناطق الشاسعة، فبلغ عدد الناطقين بها نحو ١٧٠ مليوناً موزعين على مختلف قارات الأرض، بعد أن كانت قديماً محصورة في منطقة ضيقة من الجزر البريطانية. ونجم عن الاستعمار الأسباني في الدنيا الجديدة أن أصبحت الأسبانية لغة المكسيك وجزر الفيليبين وجميع دول أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية ما عدا البرازيل، فبلغ عدد الناطقين بها نحو ٧٠ مليوناً ينتمون إلى نحو خمس عشرة أمة، بعد أن كانت محصورة في منطقة ضيقة في الجنوب الغربي من أوربا. ونجم عن الاستعمار البرتغالي في الدنيا الجديدة وأفريقيا والأوقيانوسية أن أصبحت البرتغالية لغة سكان البرازيل بأمريكا الجنوبية وسكان المستعمرات البرتغالية بأفريقيا وجزر المحيط الهندي، فبلغ عدد الناطقين بها نحو ٥٠ مليوناً ينتمون إلى عدة أمم، بعد أن كانت محصورة في منطقة ضيقة في بلاد البرتغال نفسها
٣ - أن يتاح لجماعة ما أسباب مواتية للنمو الطبيعي في أوطانها الأصلية نفسها فيأخذ عدد أفرادها وطوائفها في الزيادة المطردة، وتنشط حركة العمران في بلادها، فتكثر فيها المدن والقرى وتتعدد الأقاليم والمناطق، فيتسع تبعاً لذلك نطاق لغتها ومدى انتشارها، كما حدث لليابانية والفرنسية والإيطالية. فبفضل هذا العامل بلغ عدد الناطقين باليابانية في اليابان نفسها نحو ٦٠ مليوناً، وبفضله كذلك مع مساعدة العاملين السابقين بلغ عدد الناطقين بالفرنسية نحو ٥٠ مليوناً وبالإيطالية نحو ٤٥ مليوناً.
ومتى انتشرت اللغة في مناطق شاسعة من الأرض تحت تأثير عامل من العوامل السابق ذكرها، وتكلم بها جماعات كثيرة العدد، وطوائف مختلفة من الناس، استحال عليها الاحتفاظ بوحدتها الأولى أمداً طويلاً، فلا تلبث أن تتشعب إلى لهجات، وتسلك كل لهجة من هذه