للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وارتسمت في خيالها صورة كاملة للرجل الذي جاءتها رسالته ولم تره قط، ورسمت لنفسها صورة أخرى من خيالها يوم تراه فتعاتبه ثم تصفح عنه!

وبقى يومان على مطلع الهلال. . . . . .

وكانت واقفة في الشرفة تستروح َروْحَ الربيع، حين سمعت رنين الجرس. . . وكن ثلاثاً من صديقاتها؛ وجلسن وجلستْ معهن في غرفة الاستقبال. ومضى الحديث يتنقل من فن إلى فن إلى فنون. . .

وقالت واحدة لجارتها: (متى زفاف أخيك؟)

قالت: (لقد أذكرتني أمراً. . . فقد أرسل أخي رسالة إلى خطيبته غداة سفره فلم تجبه؛ فغضب وكتب إليَّ يشكوها؛ وذهبتُ أزورها أمس فإذا هي غضبانة كذلك، تشكو إلى أن أخي لم يكتب لها منذ سفره. . . أرأيت. . .؟)

واعتدلت خديجة في مجلسها وقالت: (عجيبة! تقولين إنه كتب إليها فلم ترد؛ ففيم غضبها؟)

قالت: (هنا المشكلة؛ فإن رسالة كامل لم تبلغها!)

واختلجت خديجة، وهجس في نفسها هاجس، وأردفتْ صديقتها: (وبذلك كتبت إلى أخي ليعرف الحقيقة!)

واختلجت خديجة ثانية وقالت: (أتعنين. . .؟)

قالت الفتاة: (أعني أن رسالته لم تصل إلى خديجة. . .!). . .

ووضحت الحقيقة كاملة لعيني الفتاة، وعرفتْ، واستيقظت من الحلم الرائع الذي عاشت منه عُمراً سعيداً في أيام. . .

ونهضت متثاقلة إلى غرفتها لتفتح حقيبتها فتعود بالرسالة التي ضلت طريقها إلى صاحبتها لتضل هي بها. . . ثم دفعتها إلى صديقتها وهي تتمتم معتذرة. . . وتهاوت على مقعدها خائرة!

. . . وصفا ما بين الحبيبين وفاء قلباهما إلى الرضا، وتحطم قلب ثالث. . .

ولما بصرتْ بهما خديجة بعد أيام يمشيان ذراعاً إلى ذراع، أتبعتهما عينيها في ألم ولهفة، ثم دارت على عقبيها، ورجعت من حيث أتت

وعادت إلى أطفالها الذين كانوا، تلتمس بينهم العزاء والسلوى؛ فما وجدتْ أطفالها ولكن

<<  <  ج:
ص:  >  >>