للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

استخراج ما في المناجم من الركاز. . . وكان كل ذلك (غيباً) محجوباً في الأرض. . . ولولا الغرائز السفلى كالطمع والجشع والأنانية ما رأيت في الأرض هذه الحياة العنيفة الحركات في التعمير والاقتناء والتسابق على كشف بقاع الأرض المجهولة وإظهار عيوبها، وإقامة الحياة العلمية المتحضرة فيها

ولولا البأس الشديد في الحديد والنار ما تكونت الإمبراطوريات الواسعة التي ربطت بين كثير من أمم الأرض برباط التفاهم والحب والخدمة المشتركة. . . وما ابتدأت البشرية الآن تفكر في جامعة عامة لجميع الشعوب والأمم تجمعها على حدود العدالة والسلامة الإجتماعية، وخدمة العلم خدمة مشتركة، وتقيها من شرور التدمير والتخريب وما تتجه الحروب

ونظرة إلى تاريخ البشرية ترينا التقدم المطرد في سبيل التجميع والتوحيد. فقد كان الإنسان فرداً ثم صار أسرة ثم صار قبيلة ثم صار أمة ثم صار إمبراطورية وولايات متحدة ثم بدأ يصير (جامعة أمم) ولا بد من ذلك في يوم ما قريباً كان أم بعيداً. والشر هو الذي يدفع دائماً إلى الجهاد للخير. (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم) فإن الأرواح لا تقوى إلا بالمجاهدة كما أن الأجسام لا تقوى عضلاتها إلا بالمقاومة. فلا تذهبن من نفسك قداسة الإنسان فإنه الابن البكر للأرض يعمر ديارها ويستقبل ليلها ونهارها

وقد كان يجوز الشك في قيمة الإنسان السامية أيام الجهل والغفلة والحيرة قبل عثوره على مفاتيح العلوم الطبيعية وابتدائه فتح أبوابها باباً فباباً. . . أما الآن بعد أن تيقظ الإنسان لحياته وابتدأت الأرض والسماء تحدثه أخبارها وتوضحت أمامه معالم طريق الحياة؛ فلن يرضي لنفسه الارتداد ولن يجوز الشك في قدسيته وامتيازه

وإن قيادته إلى الله رب الطبيعة قد صارت الآن من أسهل الأمور لأن العلم قد ألقي كثيراً من أشعته على مواقع يد الله في الطبيعة وعلى كثير من الأبواب التي توصل إليه. . .

ولكن كثيرين جداً من الذين يحترفون قيادة الأرواح أغبياء محدودون عميان. . . فكيف يقودون في طريق مملوءة بكثير من جثث الخرافات والأباطيل التي لصقت بالدين في زمن الجهل والظلام، والتي صرعها العلم الواضح والعقل الطلق المستنير؟!

<<  <  ج:
ص:  >  >>