وتماسكت، وعدت مرة أخرى، فخرج مني صوت آخر! فأويت إلى فراشي، وهتف بزوجي: يا أم الخيار هل سمعت شيئاً؟ فقالت: لا، ولا واحدة منهما!
فضحك هشام وأمر له بصلة
ومن نوادره المضحكة المبكية: أن ورد على هشام في الشعراء، فقال لهم: صفوا لي إبلاً، فقطروها وأوردوها وأصدروها، حتى كأني أنظر إليها
فأنشده الشعراء وانشده أبو النجم أرجوزته التي مر ذكرها:
(الحمد لله العلي الأجلل)
وهشام يصفق بيديه استحساناً لها! ومضى أبو النجم في إنشاده غلى أن بلغ قوله في وصف الشمس:
حتى إذا الشمس جلاها المجتلي ... بين سِمَاطيْ شفق مرعَبل
صَغواء قد كادت ولما تفعل ... فهي على الأفق. . . . . . . . .
كان تمام البيت: كعين الأحول
وهنا تذكر أبو النجم - بعد فوات الأوان - أن هشاماً احول! فامتُقع لونه، وتخاذلت أوصاله، وجمد لسانه في فمه!
وأراد أن يغير البيت فخذله شيطانه! وحار في أمره فأطرق واجماً!
ولم يفطن هشام للسبب، فضجر وصاح به: أجز! فلم يسع أبا النجم إلا أن يصدع بالأمر فقال:
كعين الأحول!
نطق بها كحشرجة المحتَضر! والقافية (تعذر)
وكان هشام - على عقله وكيْس - فظاً غليظاً خشناً!
فاستشاط غضباً! وأمر بوجْء عنقه! فتبادر إليه الخدم يدفعون في قفاه! حتى خرج من المجلس وهو لا يصدّق بالنجاة!
ولم يكتف هشام بذلك، فأمر الربيع صاحب شرطته ألا يريه وجه أبي النجم بعد هذا! وأن ينفيه من الرصافة!
ولكن وجوه الناس شفعوا له عند الربيع، فأقرّه فيها