فذكر ربيعة وهجاها، فجاء رجل إلى أبي النجم، فقال له: أنت جالس، وهذا العجاج يهجونا بالمربد قد اجتمع عليه الناس.
فقال أبو النجم: صف لي حاله وزيه الذي هو فيه، فوصفه له، فقال: ابغني جملاً وأكثر عليه من الهناء، فجيء بالجمل إليه، فأخذ سراويل له فجعل إحدى رجليه فيها، وأتزر بالجمل إليه، فأخذ سراويل له فجعل إحدى رجليه فيها، واتزر بالأخرى! وركب الجمل ودفع خطامه إلى من يقوده حتى أتي إلى المربد
فلما دنا من العجاج قال للقائد: أخلع خطامه؛ فخلعه، وأشتد أبو النجم أرجوزته:
(تذكر القلب وجهلاً ما ذكر)
والجمل في أثناء ذلك يدنوا من الناقة ويتشّممها! والعجّاج يتباعد لئلا تفسد ثيابه ورحله بالقطران!
حتى إذا بلغ أبو النجم إلى قوله:
إني وكلُّ شاعر إذا شعرْ=شيطانه أنثى، وشيطاني ذكرْ
فما رآني شاعر إلا استترْ ... فِعْلَ نجوم الليل عايَنْ القمرْ
وثب الجمل على الناقة!!
فهرب العجاج والناس يضحكون قائلين:
(شيطانه أنثى وشيطاني ذكر)
وكان أبو النجم ينزل سواد الكوفة وينتجع بقصيده ورجزه خلفاء بني أمية وولاتهم، فيحسنون لقاءه وينفحونه بالعطاء
وله مع الخليفة هشام بن عبد الملك أخبار طريفة ونوادر حِسان كان يجري فيها على سجية الأعراب لا يُوارب ولا يحتشم!
فمن ذلك: أن هشاماً قال له يوماً: حدثني يا أبا النجم. قال: عني أو عن غيري. قال: بل عنك. قال: إني حين علتني الشيخوخة كان يعرض لي البول في اللهيل، فوضعت عند رجلي شيئاً أقضي فيه حاجتي. فقمت ذات ليلة لأبول، فخرج مني صوت! فتشدّدت