النور، ووقف على نفقته المال، وجعله مورداً للسابلة فكان مزرعة للجراثيم ومصدمة للناس!
تصور حكمة الإنفاق في سبيل الله على قواعد الدين الذي شُرع ليضمن للفرد السعادة وللأمة السلامة وللبشرية الألفة، ثم تعال أنقل إليك ما روته (الدستور) في يوم الاثنين الماضي عن مراسلها ببغداد:
كان من ضيوف العراق لعامين مضيا الزعيم الشعبي الهندي السردار طاهر زين الدين، وهو من أنداد أغا خان في الزعامة المقدسة والثروة العريضة، فلما زار ضريح الإمام عليّ رضوان الله وسلامه عليه، نشأ في نفسه أن يقيم للخليفة الراشد ضريحاً يكون مضرب الأمثال على تعاقب الأجيال في نفاسة المادة وبراعة الصنعة وضخامة النفقة. ولم يكد يرجع إلى الهند حتى استحضر أمهر الصناع وأقدر الفنانين وتقدم إليهم بما أراد، ووصل أيديهم بكنوزه العجيبة، فصنعوا ضريحاً من الآبنوس سَمْكه إحدى عشرة قدماً وقطره عشرون، ثم زخرفوه بروائع النقش الهندي، وغشوه بخمسة عشر وطلاً من صفائح الذهب وبمثلها من سبائك الفضة حتى بلغت تكاليفه اثنين وأربعين مليون جنيه على ما روى المراسل، أو اثنين وأربعين مليون رُبيّة على ما أرجح!
هل قرأت؟ اثنان وأربعون مليون جنيه كميزانية مصر، أو اثنان وأربعون مليون ربية كميزانية العراق، تنفق في مقصورة تقام على ضريح الإمام الزاهد المجاهد الشهيد علي كرم الله وجهه! فهل تحسب أن هذا المؤمن الساذج قد بلغ بما أنفق مكانة الزلفى من الله وموضع الرضا من إمامه؟ لا والله! إن الله الذي يقترض من عباده القرض الحسن ليضاعفه لهم لا يقبل هذا القرض العقيم، وإن الإمام الذي كان يطوي الأيام ليطعم على حب الله المسكين واليتيم والأسير لا يرضى هذا الإحسان الميت. لو كان هذا الغني الأمي صحيح الفقه في الدين، واسع الأفق في الفكر، بعيد النظر في الإصلاح، لعلم أن عليا كان سيف الإسلام ولسان الدعوة وإمام القضاء، فكان خير ما يتقرب به إليه أن يعطي حكومة العراق هذه الملايين لتنشئ بها أسطولاً جويا في بغداد على حب فاتح خبير، ومعهداً علمياً في الكوفة على ذكر صاحب نهج البلاغة
لذلك وشبهه يكون القرض حسناً والإحسان جميلاً يا سيدي الزعيم. أما أن تصفّح الضريح