للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النجم؟ قال: نعم، طريدك يا أمير المؤمنين. فإذن له بالجلوس وسأله عمن كان يُضيفه؛ فأخبره خبر الكلبي والتغلبي. قال: وكيف اجتمعا لك؟ قال: كنت أتغدى عند أحدهما وأتعشى عند الآخر. قال: وأين كنت تأوي؟ قال: في المسجد حيث وجدني رسولك

وأطرق هشام برهة لعله راجع فيها نفسه فندم على ما كان منه مع أبي النجم! ثم رفع رأسه وقال له: مَا لَكَ من الولد والمال؟ قال: أما المال فلا مال لي، وأما الولد فلي ثلاث بنات وبُني يّقال له: شيّان. قال: هل أخرجت من بناتك؟ قال: نعم، زوجت اثنتين وبقيت واحدة تجمِز في أبياتنا كأنها نعامة. قال وما وصيت به الأولى؟ - وكانت تسمى برَّة - قال:

أوصيتُ من بَرةَّ قلباً حُرا ... بالكلب خيراً والحماةِ شرَّا

لا تسأمي ضرباً لها، وجَرا ... حتى ترَى حلو الحياة مُرَّا

وإن كستك ذهباً ودرُا ... والحيّ عُمَّيهم بشرٍّ طُرَّا

فضحك هشام، وقال: فما قلت للأخرى؟ قال: قلت:

سُبَّي الحماة واْبهتي عليها ... وإن دنتْ فازدلفي إليها

وأوجعي بالفِهْر ركبتيْها ... ومرفقيها، واضربي جنبيها

وقعَّدى كفيْكِ في صُدْغيها ... لا تخبري الدهَر بذاك ابنيْها

فضحك هشام حتى بدت نواجذه، وسقط على قفاه! وقال: ويحك! ما هذه وصية يعقوب لولده! قال: ما أنا كيعقوب يا أمير المؤمنين ولا ولدي كولده

قال: فما قلت للثالثة؟ قال: قلت:

أوصيك يا بنتي فإني ذاهب ... أوصيك أن يحمدك الأقارب

والجار والضيف الكريم الساغب ... لا يرجع المسكين وهو خائب

ولا تني أظفارك السلاهب ... لهن في وجه الحماة كاتب

والزوج، إن الزوج بئس الصاحب

قال: فأي شيء قلت في تأخير زواجها؟ - وكان اسمها: ظَلاَّمة - قال: قلت:

كأن ظلامة أخت شَيَّان ... يتيمة ووالداها حيَّان

الرأسُ قملٌ كله وصِئبان ... وليس في الرجلين إلا خيطان

وقُصَّة قد شيَّطتها النيران ... تلك التي يفزع منها الشيطان

<<  <  ج:
ص:  >  >>