للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صورة من الجمال والحسن، ولن تستقر عيناك إلا على كل بهجة وزينة، فهذا هو أول ما عرضت عليك الحياة من ألوانها. . .

إذا مرت بك السنون وسمعت. . . فإنه لن يطرق أذنيك إلا نغم حلو لين سلس كهذا الغناء الذي أنشدته الأطيار يوم مقدمك

إذا جازت بك الأعوام. . . وامتلأت نفسك حسناً فأغدقي على الدنيا من حسن نفسك كما يغدق على الدنيا من حسن النفس الفنان. . .

هذه الأفراح التي تشيع في نفسك أشيعيها في الكون شعراً، وليكن شعرك إحساناً فأسمى الشعر الإحسان. وكم شاعر يتلهف إلى الإحسان، وكم تستطيعين يا أميرتي أنت من ضروب الإحسان. . .

كلمة التقدير الحق من الأميرة فيها الغناء، ومن أقدر على التقدير الحق من أميرة الربيع التي لما طلعت رأت الجمال الحق أول ما رأت، وسمعت الغناء الصدق أول ما سمعت، واستنشقت العطر الأصيل أول ما استنشقت، فهي تعرف الجمال الحق من الجمال الزائف، وهي تعرف الغناء الصدق من الغناء الملفق، وهي تعرف روائح الله من روائح المعمل وما تؤلفه اليدان

أميرة الربيع! يا أميرة العفو والرحمة يا أميرتي. . . هلا شببت اليوم، فأنت عروس ومصر في مهرجان، ودولة الفن غير الدولة القاعدة فيه الآن. . .

قرب اللهم هذه الأيام. . . إذ يرفعون إليك أسماء الذين اختاروهم ليحيو المهرجان. . . فتقولين لهم: لا. . . لا تمنعوا عني خاملاً لأنه خامل، ولا تجيئوني بالمعروف لأنه قد تحدث بذكره الركبان، وإنما أريد أن أستمع إلى فلان وفلان. . . فأنت يا أميرتي قد فتشت قبل ذلك في المكتبة، وقرأت ما يكتبه هذا وما يكتبه ذاك. . . فعرفت بما منحك الله من طبع الحسن موطن الحق عند هذا، ومخبأ الزور عند ذاك. . . وأنت يا أميرتي قد أصغيت قبل ذلك إلى كل ما يذاع من اللحن والغناء، فعرفت أي هذا الغناء صدر من القلب، وأيه كان ضرباً على خشب العود، فهو ليس إلا غناء الأخشاب. . .

رعاياك من أهل الفن يا أميرة الربيع مشوقون إلى يوم من أيام الإنصاف. . . الحياة ثقلت عليهم، والناس انشغلوا عنهم، ومالوا إلى حيث يخلبهم سحرة مهرة لا الصدق عندهم، ولا

<<  <  ج:
ص:  >  >>