للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعروف، لتستعين المدرسة بما تجمع منهم على البر بطائفة من الفقراء. . .

هي سنَّة جديدة سنها بعض القائمين على شئون التعليم فَجَرَت قاعدة؛ فِلَم نتخلَّف نحن وقد سبقتْ إلى هذه السنة الجديدة مدارس؟

وأعدّت المدرسة برنامجاً حافلاً، فيه تمثيل، ورقص، وموسيقى؛ وما بّدٌ أن تجتمع هذه الألوانُ الثلاثة في كل حفلٍ مدرسي يراد منه أن يغل إيراداً يعين على بعض أعمال البر. . . وإلا فماذا تقدَّم المدرسة من وسائل التسلية ثمناً لما تطلب من أهل البذل والمعروف!

وقالت معلَّمةٌ لأخرى: ينبغي أن تكون حفلتنا. . .

فقاطعتها الثانية: نعم، وستكون أفخمَ ما أُقيم من حفلات المدارس في هذا الموسم. . .!

واختيرت الرواية، واستؤجِر المسرح الكبير، ودُعي فنانٌ كبير من أهل الكفاية. . . ليدرَّب التلميذات على اصطناع شخصيات الرواية، كل واحدة بدورها، راقصة أو ممثلة!

وطاف المدَّرب بالتلميذات في صفوفهن يختار منهن ذواتِ الوجوه والأجسام. . . الفنية!

واختار (قدرية) لدور ذي خطر. . .

وتأبَّت الفتاةُ بما في طبيعتها من الحياء وما في دمها من إرث أجدادها؛ وعجب البناتُ أن تأبى قدريةُ وإن كل واحدة منهن لتتمنى؛ واستمعت قدرية إلى أحاديث البنات صامتة، ثم. . . ثم قبلت فخوراً مزهوة، وغلبتها غريزة الأنثى الغيور على ما في دمها من إرث الآباء والأجداد!

ووقف المَدرَّب يلقَّنها ويستمع إليها، ووقفت هي مصغية تستمع إليه وتحاكيه، تجهر بصوتها حيناً وحيناً تخافت به؛ وعرفت من مخارج الصوت ما لم تكن تعرف، ولانت أعطافها بعد خشونة ويبس، وأحسنتْ أن تدورَ على عقبها، ثم تنثني وتنهض، وأجادت تمثيل اللفتة المتكبرة، والنظرة ألعابرة، والرَّنوة الآسرة ثم تبكي وتضحك في وقت معاً. . . . . .

وقال المدرب الفنان: يا لها من فتاة! إنها لفنانة موهوبة!

وأطبقت الفتاة جفنيها في حياء وهي تشكر له، فبدت في كلمتها وحركتها أبرع فناً مما ظن مدربهُا. . .!

ولم يُمانع أبوها وأمها أن تكون ابنتهما راقصة ممثلة ساعة في ليلة من ليالي البر؛ وأين

<<  <  ج:
ص:  >  >>