للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يبدو لهما وجه الاعتراض والمدرسة هي التي اختارتها لذاك؛ وإن المدرسة لأعرف منهما بما ينبغي وما لا ينبغي؛ وإن عليها وحدها أن تختار لتلميذاتها من وسائل الرياضة والتثقيف ما يؤهلهن للحياة. . .!

وجاءت الليلة الموعودة بعد تدريب طويل وإعداد شاق. . . وكان على أبواب المسرح الكبير معلمون ومعلمات لاستقبال المدعوَّين، وغص البهو والشرفات بالآباء والأمهات، والأصدقاء والصديقات، و. . . والمربين والمربيات. . .

وراحت طائفة من التلميذات تجوس خلال الصفوف في ثياب بديعة ومظهر فاته، يبعن الزهر والحلوى مما صنعت أيديهن من قبلُ استعداداً لهذا اليوم ومساهمة في أعمال البر. . .

. . . وكانت (قدرية) خلف الستارة بين أيدي المواشط يهيئنها للظهور، وأمامها مرآة كبيرة تريها من نفسها ما لم تكن ترى أو تعرف، وابتسمتْ ابتسامة الإعجاب والرضا حين رأتْ وعرفت. . .!

وخرجتْ إلى المسرح مجلوة ملونة كما لم تبد في يوم من أيامها، وانسكبت عليها الأشعة من أربع جوانب المسرح تشبُّ لونها وتزيدها ملاحة وفتنة، ووقفت متأهبَّة. . .

ورن الجرس، ثم ارتفعت الستارة، وضج المسرح بالتصفيق فانحنت في رشاقة وخفة وهي تكشف عن ساق ممتلئة مصقولة كأنما يجري فيها شعاع الشمس، ونثرت ابتساماتها يمنة ويسرة ترد تحية بتحية. . .

ولم يكفّ التصفيق حتى ارتفع صوتها يغني. . . واستدار بها البنات يرقصن ويغنين. . .

وغنّتْ ورقصت، وضحكت وبكت، وتأمَّرتْ ثم زلّت، واستعطفتْ ثم دلَّتْ، ووعدتْ ثم تأبَّتْ، ومنعتْ ثم نوَّلت، وقالت عيناها. . . وقالت عيونُ الناس. . .

وكأني لم أر قدرية قبل تلك الليلة؛. . . لقد بدا لي من جمالها وخفتها ما لم يكن لي به عهد من قبل؛ أهذه هي. . .؟

ولما أسدِلت الستارة في الخاتمة، كان تحت قدميها أكداس من الزهر؛ وفي أذنيها أنغام من هتاف الإعجاب؛ ولكن قلبها كان أحفلَ بمعانيه. . .!

وحين لقيها أبوها بعد، كانت في عينيه دموع، وطبع على جبينها قبلة. . . وأقّلتهْا السيارة

<<  <  ج:
ص:  >  >>