للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ومع الآدميين بعض إشارات بالرأس وغيره للتعبير بطريق إرادي عن أمور خاصة، كأن تمر بأظافرها على الباب ليفطن أصحابها إلى وجودها فيفتحوا لها، أو تدفع إناء طعامها برأسها للتعبير عن حاجتها إلى الغذاء. . . وهلم جرا

وتستخدم كذلك فصائل القردة، وبخاصة الفصائل العليا منها (الغوريلا والشمبانزيه والجيبون والأورانج - أوتانج)، وفصائل النحل والنمل بعض شارات من هذا القبيل. فقد كشف العلامة كوهلر عن ظواهر كثيرة من هذا النوع عند فصائل القردة العليا: منها ما يعمله الشمبنزيه حينما يريد أن يرافقه آخر في طريقه، أو يرغب أن يعطيه أحد زملائه شيئاً مما في يده، أو يطلب نداءه عن بعد: فإنه في الحالة الأولى يحتك به بخفة ويجذبه من ذراعه محدقاً فيه ومتقدماً بعض خطوات في الطريق التي يود أن يسلكاها معاً؛ وفي الحالة الثانية يمد يده إلى زميله مد الاستجداء؛ وفي الحالة الثالثة يمد يده ويقبض كفه ويبسطها كما نفعل نحن في مثل هذه المناسبة. وقرر الأساتذة فرانكلين وكيربي وسبنسر وبورميستر وهوبير , , , , أن كثيراً من طوائف النحل والنمل يستخدم أفرادها، بعضها مع البعض، إشارات مقصودة للتعبير بها عن بعض شئونها، وأن هذه الإشارات تتمثل في احتكاك بعض أعضاء المتكلم أو أطرافه أو ذؤاباته بجزء من جسم المخاطب بطريقة خاصة. قام العلامة لوبوك هذا الصدد بطائفة كبيرة من التجارب، فتبين له صدق ما ذهب إليه هؤلاء الأساتذة

وأما النوع الأخير من أنواع التعبير التي أشرنا إليها أول هذا المقال، وهو اللغة بالمعنى الكامل لهذه الكلمة، أي الأصوات المركبة ذات المقاطع التي تتألف منها الكلمات، فيظهر أن الإنسان قد اختص بها من بين سائر الفصائل الحيوانية

حقاً إن بعض طوائف الحيوان تصدر عنه أصوات شبيهة في ظاهرها بهذا النوع من التعبير، ولكن بالتأمل في هذه الأصوات، يتبين أنها عارية من خصائص اللغة في صورتها الصحيحة، وأنها ترجع إلى فصيلة أخرى من فصائل الأصوات. وسنعرض فيما يلي لأهم ما يبدو عند الحيوان من هذا القبيل، معقبين على كل مظهر منها بما يبين وجوه الفرق بينه وبين اللغة الصوتية بالمعنى الصحيح لهذه الكلمة

يرجع أهم ما يلفظه الحيوان من هذه الأصوات إلى ثلاث طوائف:

<<  <  ج:
ص:  >  >>