إلى بلدية) في البلاد الإسلامية فقد كانت المدن الإسلامية في القرون الوسطى وقتية الظهور على الأغلب، تتمتع بازدهار تجاري أو ثقافي لمدة قرن أو نحو قرن، ثم تتضاءل أو تختفي. وبهذا ندر وجود طوائف بلدية معينة، أو حدات متحضرة دائمة. إذ أن روح التكتل والتنظيم المحلى التي كان لها أهمية كبرى في أوربا في القرون الوسطى، منعت من الظهور في الحقل السياسي بتأثير الأوضاع السياسية المضطربة في البلاد الإسلامية، وسيقت تلك الروح لأن تجد لها منفذاً في الحياة الاقتصادية. وهكذا نجد في أصناف الحرف في الإسلام ما يساوي تلك الحياة المحلية القومية التي هي من أبرز مظاهر تاريخ أوربا في القرون الوسطى.
كانت النقابة مهمة في الحياة الإسلامية لدرجة أنَّ تخطيط المدينة - التي كانت تبنى على أساس سوق تجارية - كان يقرر في كثير من الأحيان حسب حاجات أصحاب الحرف. فنرى أن المدن الإسلامية من مراكش إلى جاوة ظهرت بتماثل عجيب متمركزة حول ثلاث أو أربع نقاط أساسية
فأول نقطة ثابتة هي سوق الصرافين، وهو مركز هام دائماً في النظام الاقتصادي الثنائي الأساس في العملة، كما كانت الحال في البلاد الإسلامية في القرون الوسطى
ونجد حواليه جامعي المكوس، ثم دار الضرب (إن وجدت هنالك واحدة)، ثم سوق المزايدة، ثم المحتسب وهو ملاحظ الأسواق. وهنا نجد الحمالين أيضاً
والمركز الثاني هو القيصرية - وهي بناية محكمة تخزن فيها البضائع والنفائس الأجنبية ويحتمل أن يكون الاسم بيزنطي الأصل. والمركز الثالث هو سوق العزل - حيث يأتي النساء لبيع إنتاجهن اليدوي. وهنا نرى المتعاملين بالحاجات التي يشتريها النساء كالقصابين والخبازين وبائعي الخضر الخ. . .
والمركز الرابع هو الجامعة أو المدرسة. وهي ملحقة عادة بمسجد، وفيها يكوِّن الطلبة والأساتذة نظام نقابة حقيقة.
ويشتغل أهل الحرف حول هذه المراكز الأربعة، كل صنف في سوقه الخاص. يلاحظ من هذا أن توزيع النقابات يتبع هذا النظام في المدن المختلفة حيث توجد هذه المراكز الأربعة.
دعنا الآن ننظر في منشأ هذه النقابات، وهو بحث يلاحظ فيه أنه لم يتقدم بالقدر الكافي