هناك رأي يقول بأن هذه النقابات هي متممة للنقابات البيزنطية التي سبقتها، إذ كانت توجد نقابات متعددة في المقاطعات البيزنطية كسوريا ومصر حتى القرن السابع الميلادي. وليس من المحتمل أنه قضى عليها من قبل الفاتحين العرب الذين كانت سياستهم كما نعلم ترك الهيئات الإدارية والاقتصادية التي خلقها البيزنطيون كما كانت عليه تقريباً. ومع ذلك لا نرى أية إشارة إلى وجود نقابات إسلامية قبل القرن العاشر الميلادي؛ أي بعد ثلاثة قرون (مع بدء الفتح)، كما أن هذه النقابات كانت من نوع يختلف تماماً عن النقابات الموجودة قبل الفتح الإسلامي. وليس لدينا إلا ملاحظات قصيرة متقطعة (عن النقابات) خلال هذه الفترة وأولها جملة في تاريخ ابن عذارى المراكشي إذ يقول عن والي أفريقية والغرب سنة ٧٧٠م (١٥٥هـ): (وكان يزيد (بن حاتم) هذا حسن السيرة فقدم أفريقية وأصلحها ورتب أسواق القيروان وجعل كل صناعة في مكانها)
ومع أن الكتاب الذي يحتوي هذا النص قد كتب في القرن العاشر فلا مانع من قبول صحة هذا الخبر وهو خبر طريف في ذاته، إذ أنه يظهر أن الأمير العربي وضع العمال والأسواق في القيروان، وهي مدينة جديدة بناها العرب الفاتحون، تحت نفس الإدارة والمراقبة كما كان يفعل الحاكم البيزنطي في المدن المجاورة. ولكن يظهر لي أن استنتاج وجود نقابات عربية في القيروان من هذه العبارة، كما فعل (فون كريمر و (آتجر غير مؤيد بالبيانات الموجودة
وفي نهاية القرن التاسع الميلادي نجد عدداً لا بأس به من المصادر يشير إلى وجود شئ من نظام التكتل بين التجار وأصحاب الحرف. ولكن هذه الأصناف لم تصل بعد إلى درجة يصح اعتبارها كنموذج للأصناف الإسلامية. وإنما هي مجرد تنظيم عام وضبط للأسواق والحرف من النوع الموصوف في المصادر البيزنطية المعاصرة يمكن أن نستنتج من هذه الإشارات أن الأمراء المسلمين احتفظوا بأشكال السيطرة العامة التي كانت للإدارة البيزنطية على الحرف - على الأقل في معاملاتهم مع الصناع من غير العرب وغير المسلمين - وربما امتد ذلك حتى إلى المسلمين أنفسهم. وعلى كل حال فإننا نجد في القرن التالي تطوراً ظاهراً فيما يسمي بالأصناف الإسلامية، وحينئذ نجدها من نوع لا يصح تعليله بالتأثير أو التراث البيزنطي. وتوجد نظرية أخرى بجانب هذه النظرية يتطلب