وقدروه، وبدءوا منذ أخرج هذا الفلم يعتبرونه فنانهم الأول في هذا العصر، وهنري الثامن ذات حقيقية فعل بها شارلس لاوتون هذا كله تحت أعين الإنجليز وأسماعهم، بل إنه استعان على فعله هذا بأموالهم وبكفايات الذين ساعدوه من رجالهم. أما (العشرة الطيبة)، فليس فيها ذات حقيقية واحدة ممن يعتز بهم التاريخ المصري، أو ممن ينتسبون إليه ويخشى إن هو أظهرهم للناس أن يلصقوا به نقائصهم وعيوبهم. . . وإنما هي قصة خيالية تصور كاتبها المرحوم محمد تيمور أن حوادثها جرت في مصر، وقد كان يستطيع أن يتصورها جرت في الهند، كما كان يستطيع أن يتصورها جرت في كوكب آخر غير هذه الأرض، لولا أنه آثر أن تكون حين تنسب إلى مصر أقرب إلى نفوس المصريين، واشد إغراء لهم بالإقبال عليها والاستمتاع بها. وقد كانت (العشرة الطيبة) فعلاً من أحجار الأساس الأولى التي وضعت في بناء المسرح المصري
وقد ترامى إلينا أن أستوديو مصر بدأ يفكر في هذه الأيام في إخراج العشرة الطيبة، وأن رجاله بدءوا يتخلون عن تلك الفكرة العجيبة التي ظلوا يتشبثون بها زمناً طويلاً والتي حالت بينهم وبين إخراج (العشرة الطيبة) هذا الزمن الطويل، ولا ريب أن أستوديو مصر إذا نفذ هذه الفكرة فإنه سيفتح بها فتحاً جديداً في تاريخ أوبريت السينما في مصر، ففي هذه الرواية مجموعة من الألحان يشهد الموسيقيون المصريون جميعاً قبل النقاد وقبل الجمهور بأنها خلاصة الموسيقى التمثيلية المصرية، وأول من شهد بهذا هو المرحوم الشيخ سيد درويش الذي وضع موسيقى هذه الأوبريت. فقد سئل رحمه الله يوماً بعد أن أنشأ لنفسه فرقة خاصة أخرج فيها روايتي (البروكة) و (شهرزاد) عن أحب آثاره الفنية إليه فقال إنها العشرة الطيبة، وكان السائل يحسبه سيقول عن إحدى هاتين الروايتين اللتين أعدهما لنفسه ولفرقته واللتين لن تأخذهما منه فرقة من الفرق
وإنني لا أشك في أن سيد درويش رحمه الله كان على حق في تفضيله للعشرة الطيبة على غيرها مما لحن، فهي أصفى وأنقى من كل رواياته، ونفسه منطلقة في ألحانها كل الانطلاق لا يقيدها قيد ولا يكتفها شرط
ولعل القراء يعرفون أن موسيقى سيد درويش كانت تصيبها أحياناً آفات لم يجد سيد درويش نفسه بداً من أن يسمح لها بأن تصيب فنه، بل إنه هو الذي كان يبلو فنه بهذه