كبيرة من أحجار عادية كالتي توجد في الحقول، حجارة رمادية اللون بحجم رأس الإنسان. . . ولم تكن المرأة قد رأت هذا المكان قبل ذلك، ولكها عندما نظرت من فجوة باب مرتفع، ورأت الحجارة الرمادية اللون، فهمت لساعتها أي مكان يحتويها. . .
كانت تشعر برعدة وخوف كلما سمعت الناس تحدثون عن الساحة الخالية إلا من كومة من الحجارة حيث تكفر النساء الزانيات عن جرمهن وفقاً لشريعة موسى، وقد ظهر لها هذا المكان أشد شؤماً من جهنم، وهاهي ذي تقاد اليوم إليه
ماذا ينفعها الصراخ والمقاومة؟ لقد دفعها الرجال بعنف فدخلت الباب وبعد ذلك لم يهتموا بأن تظل واقفة، فتركوها ترتمي على الأرض فجرت نفسها جرا إلى أحد أركان الساحة حيث قبعت في مكانها مذعورة مشدوهة، وعيناها لا تفارقان كومة الحجارة لأنها مصدر روعها وخوفها
على أنه بالرغم من وجلها ظل البغض والغضب يضطرمان في نفسها ويحولان دون شعورها بحقيقة جرمها. ولو أنها استطاعت الكلام لما حاولت ان تنكر فعلتها أو تستدر عطف أحد عليها. كلا، بل لصاحت في وجه متهميها بأنهم أخطئوا نحوها أكثر منها نحوهم، وأن إله إسرائيل سوف يعاقبهم إذا انتزعوا منها الحياة التي تنبض فيها
ولكنها في تلك الساعة لم تكن تستطيع التفكير إلا في كومة الحجارة القائمة أمامها، لذلك لم تدر من أين جاء الرجل الذي وقف فجأة بينها وبين تلك الكومة المشؤومة، أكان في موضعه قبل وصولها أم هو من أولئك الفضوليين الذين تبعوها إلى فناء الهيكل؟
لماذا يقف بينها وبين كومة الحجارة؟ ماذا يريد؟ أتراه الذي يبدأ بتنفيذ الحكم؟
كان الرجل مديد القامة يرتدي ثوباً أسود، ويتدثر بدثار أسود. وكان شعره ينحدر على كتفيه مضفراً غدائر متساوية، وكان وجهه جميلاً، ولكنه كان يشيع حول عينيه وفمه تجاعيد خدّدها الألم، وكانت تفكر في نفسها:(إني أعرف حق المعرفة أني لم أسيء إليك من قبل يا هذا، فلماذا تحكم على وتنالني بقضائك؟)
لم يخطر ببالها لحظة واحدة أن حضوره لهذا المكان قد يكون لإعانتها والأخذ بيدها. على أنها أحست بتغير فجائي عند ما رأته. إن وجود هذا الرجل الغريب قد خفف الضيق الذي كان يلازم صدرها وحسن تنفسها الهواء، فلم يعد هذا التنفس يشبه حشرجة الموت