للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الرجال الآخرون، أما أبوها وزوجها وأخوها وجيرانها الذين قادوها إلى هذا المكان والذين كانوا يتأهبون لقتلها فقد تمهلوا إلى حين دون هجومهم الوحشي عليها، وإذا ببعض الرجال من الذين قضوا النهار في الهيكل يصلون ويجادلون في كتب الدين قد دخلوا فناء الهيكل المظلم وأمر أحدهم بوقف تنفيذ الحكم.

فسمعت الزانية همساً من ورائها، وخيل لها أنها تسمع من يقول: (سوف يمتحنون هذا الرجل، إنه النبي الناصري، لنغنم هذه الفرصة السانحة ونرَهل يجرؤ على معارضة شريعة موسى!

وعندئذ تقدم من الغريب ذي الثياب السوداء اثنان من رجال الشريعة، وكانا شيخين ذوى لحية فضية، يتدثر كل واحد منهم بدثار صنعت حواشيه من الفرو، فانحنيا أمامه، وقال له أحدهما: (يا معلم، لقد قبض على هذه المرأة متلبسة بجريمة الزنا، وقد قضت شريعة موسى على أمثالها بالرجم بالحجارة، أما أنت فماذا تقول؟)

رفع الغريب الذي لقبوه بالمعلم أجفانه الثقيلة ونظر إلى محدثيه ثم أجال نظره في أب المحكوم عليها وزوجها وأخيها، والرجال الذين رافقوهم إلى الهيكل، ورجال الشريعة والفريسيين وكل خدمة الهيكل

وبعد أن طاف بنظره محدقاً في وجه كل واحد منهم انحنى على الأرض وأخذ يكتب بإصبعه عليها، كأنه لم يجد من المناسب أن يرد عليهم. على أنه عند إلحاح الشيخين اللذين تقدما إليه نهض وقال لهم:

(من لم يرتكب منكم خطيئة فليرمها بأول حجر)

فرد عليه الرجال بضحكة ساخرة، ماذا يريد من قوله هذا؟ إذا كان الأمر كذلك فلن يلقى مجرم عقابه الحق

تصاعدت من صدر المرأة أنه ضعيفة، وكانت قبل ذلك قد أحست بالرغم منها بالأمل في أن هذا الغريب سيقول كلمة تنقذها من الموت. أما الآن فقد فهمت أن كل أمل ضائع مفقود، فأحنت رأسها وقبعت في مكانها مطوية الجسم في انتظار سيل الحجارة الذي سيهوي علينا، بينما كان الرجال الذين سينفذون الحكم فيها قد أخذوا ينزعون عنهم ما يتدثرون به ويشمرون عن سواعدهم. أما الغريب فظل في مكانه وانحنى من جديد ليكتب شيئاً على

<<  <  ج:
ص:  >  >>