كان أول من تقدم من كومة الحجارة أبو المرأة الزانية، لأنه رب الأسرة وأول من أصيب بعار جريمتها فمن حقه أن يبدأ. فانحنى ليلتقط حجراً، وفي هذه اللحظة وقع نظره على الكتابة المخطوطة على الأرض وقرأ فيها مكتوباً، لا بالحروف بل بطريقة واضحة مفهومة، قصة إثم هائل ارتكبه منذ سنوات خلت، وهو لا يزال إلى اليوم يحرص على إخفائه فتراجع الأب مذعوراً مرتاعاً عند رؤيته ذلك وجرى نحو الباب هارباً من غير أن يعني بأخذ دثاره الذي كان قد انتزعه من قبل
فأسرع ابنه ليقوم مقام والده ويغفر سلوكه الشائن، وقد ظن أن سبب هذا الهرب ضعف الشيخ وتخاذله أمام ابنته، ولكنه عندما انحنى بدوره ليلتقط حجراً ويرمي به أخته التي جلبت عليه العار وقع نظره على ما كتب على الأرض فرأى مخطوطاً، لا بحروف بل بطريقة واضحة مفهومة، قصة سرقة دنسة ارتكبها في نزق شبابه، وهي لو عرفت كان من جرائها فقدانه حقوقه كمواطن إسرائيلي
فذعر وحاول أن يمحو برجليه ما رآه مكتوباً على الأرض، ولكن الكتابة ظلت جلية تشع بلمعان لا سبيل إلى إطفائه. وعندئذ فر ممعناً في هربه مقصياً في عنف كل من حاول أن يسد عليه طريقه
تحركت المرأة الزانية من الركن الذي قبعت فيه، وكان شعرها ينحدر على جبينها فأزاحته عنه وأخذت عنه وأخذت تسوي ثيابها المهلهلة
وعندئذ تقدم زوجها، وكان قد غاظه ما رآه من سلوك أبيها وأخيها الشائن، فتأهب ليلتقط حجراً بينما كان كل جسمه يصرخ بالثأر للشرف المهان: لتقتل هذه المرأة التي ألبسته العار. يا لها من لذة يشعر بها في ثأره هذا، ولكنه بينما كان ينحني نحو الأرض خيل إليه أن بعض كلمات أو إشارات سطرت عليها أخذت تلتهب فجأة، وكانت هذه الكلمات تزيح الستار عن مؤامرة دبرت ضد الحاكم الروماني، وكان الرجل مشتركاً فيها، وهي لو فضح أمرها لكان الشنق العقاب الذي ينتظره
فانتصب واقفاً، وأوحت له خبرته بالحياة أن يتظاهر بالشفقة فغمغم كلمات معناها أنه لا يريد أن يقيم نفسه حكماً. ثم غادر المكان