بمثالب بني هاشم، وذكر مناكحهم وأمهاتهم، ثم بطون قريش، ثم سائر العرب؛ ونسب إليهم كل زور ووضع عليهم كل إفك وبهتان) ص ١٦٠ ج ١
وقال في ص ١٧٣ج ١:(إن جميع ما ذكره الشعوبية في شأن مناكح العرب وما أوردوه من باب الطعن في أنسابهم بما كانوا يتعاطونه في الغارات من سبي للنساء واسترقاقهم ووطئهم من غير استبراء من طمث ونحو ذلك لا أصل له. وكتب التواريخ صارخة بتبرئتهم مما رماهم به خصومهم وأعداؤهم، وقد نطق الشعر الجاهلي بما كانوا عليه من الحمية والغيرة ومزيد الاعتناء بأنسابهم وحفظ حريمهم والذب عن أحسابهم وعشائرهم)
وجواباً على المسألة الثانية أقول: ليس صحيحاً أن العرب في الجاهلية كانوا يتصلون بأمهاتهم، لأن هذه عادة مجوسية، ولأن الله تعالى نهاهم في القرآن عن محرمات النكاح ولم يذكر أنهم فيما سلف كانوا ينكحون أمهاتهم، بل خص ذلك بزوجة الأب والجمع بين الأختين. فقال سبحانه:(ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلا) وقال عز وجل: (وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف) ويدل على هذا ما روى هشام بن عبد الله عن الإمام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة أنه قال: (كان أهل الجاهلية يعرفون هذه المحرمات كلها التي ذكرت في هذه الآية وهي: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم) الخ إلا اثنتين إحداهما نكاح امرأة الأب والثانية الجمع بين الأختين. ألا ترى أنه قال:(ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف، (وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف) ولم يذكر سائر المحرمات (إلا ما قد سلف) قرطبي ص ١١٩ ج ٥
وبعد أقول ليس بعيداً أن يكون ذلك المؤرخ الأجنبي الذي نقل عنه الكاتب أن العرب في الجاهلية كانوا يتصلون بأمهاتهم قد ألتبس عليه الحال فتوهم أن امرأة الأب - التي كان بعض العرب في الجاهلية يتزوجونها - هي الأم مع أنها غيرها قطعاً ولو فرض أن هناك رجلاً أو نفراً من الجهلاء العرب كانوا قد اقترفوا هذا الإثم واتصلوا بأمهاتهم فليس من الصواب جعل هذه النقيصة عامة لكل رجال الأمة العربية (ولا تزر وازرة وزر أخرى) وأختم كلمتي هذه بتوجيه نظر حضرة الكاتب وغيره ممن يخوض في مثل هذا البحث الدقيق ألا يهملوا الاستدلال بما في المراجع العربية فهي المصدر الذي اقتبس منه المستشرقون كما أنها هي التي عنيت بتفنيد ورد ما افتراه وضعه الشعوبيون