عبد الرزاق في حوادث سنة ٦٤٠ ما صورته:(في شعبان حضر جماعة من المماليك الظاهرية والمستنصرية عند شرف الدين إقبال الشرابي للسلام عليه - على عادتهم - وطلبوا الزيادة في معايشهم وبالغوا في القول وألحوا في الطلب، فحرد عليهم وقال: (ما نزيدكم بمجرد قولكم بل نزيد منكم من نريد إذا أظهر خدمة يستحق بها ذلك) فنفروا وخرجوا على فورهم إلى ظاهر السور وتحالفوا على الاتفاق والتعاضد. . .)
وقال في حوادث سنة ٦٤٩ (وفيها فارق كثير من الجند بغداد لانقطاع أرزاقهم ولحقوا ببلاد الشام) وقال في حوادث سنة ٦٥٥ ما نصه (وكان الخليفة قد أهمل حال الجند ومنعهم أرزاقهم وأسقط أكثرهم من دساتير ديوان العرض فآلت أحوالهم إلى سؤال الناس وبذلك وجوههم في الطلب بالأسواق والجوامع ونظم الشعراء في ذلك الأشعار، فمما قاله المجد النشابي:
يا سائلي ولمحض الحق يرتاد ... أصخ فعندي نشدان وإرشاد
عن فتية فتكوا بالدين وانتهكوا ... حماه حملا برأي فيه إفساد
وكان خواجه نصير الدين محمد الفيلسوف الطوسي قد بعث - وهو في قوهستان - بقصيدة إلى المستعصم بالله يمدحه فيها ويطلب إليه الزلفى من دار خلافته، فاطلع عليها مؤيد الدين محمد بن العلقمي وأبقاها عنده وكتب إلى شمس الدين محتشم قوهستان من بلاد إيران يحذره ارتحال نصير الدين من بلاده مع احتياجه إليه في النجامة والتدبير، وإنما فعل ابن العلقمي ذلك خوفاً من ان يعرف المستعصم فضل نصير الدين الطوسي وعلمه فيستوزره مع كونهما شيعيين من فرقة واحدة، فوشى به هذا المحتشم إلى أمام الباطنية الإسماعيلية و (علاء الدين محمد بن الحسن الإسماعيلي) فاعتقله هذا في قلعة (ألموت) ولما فتح هولاكو هذه القلعة خرج نصير الدين وحضر بين يدي هولاكو فعظم موقعه في نفسه وأنعم عليه واستوزره وصار لأسرته شأن عظيم، وكان المنتظر من نصير الدين حين قدم بغداد مع هلاكو ان يبطش بابن العلقمي لإساءته إليه تحريضه عليه، ولكنه كان متعصبا للشيعة مغالياً في حبهم، حتى أنه أنقذ ابن العلقمي من الموت بأن رغب إلى هولاكو في العفو عنه،