للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ترافقه

وهو اليوم في مدينة (زيوريخ) على شاطئ بحيرتها، حيث الاحتفال بعيد سويسرا الوطني الأكبر، بين المواكب الصاخبة المرحة، وأنوار المشاعل، والأسهم النارية، وأضواء معرضها العظيم؛ فتوحي إيه المفاتن الساحرة. . . أنشودته الساحرة (تابيس الجديدة)

وهو اليوم على ضفاف (نهر الرين) ذلك النهر الذي يتفرد بجنبات أعنابه، وأشجاره الباسقة، وقصوره التاريخية؛ فيوحي إليه هذا الجو الرائع الجميل قصيدة (خمرة نهر الرين) ثم يهديها إلى صديقة سويسرية التقى بها هناك. . .

وهكذا وهكذا ترى شاعرنا سارحاً متنقلاً في أمكنة الفتون والجمال، وهو في كل مكان سعيد محظوظ مغامر. له فيه محبوبة سعيدة محظوظة مغامرة؛ فجاءت أشعاره لها طابع خاص تمتاز به من بين سائر الأشعار. . .

أكبر الظن أن شاعرنا ليس عاشقاً متيماً ولا غزِلاً متهالكاً فهو يوافق (دانزيو) الشاعر الإيطالي العظيم في قوله: (ما معنى أن يخلص الشاعر لامرأة واحدة، وهل في وسع الشاعر أن يجمع الجمال كله في وجه واحد أو في منظر واحد؟ لابد لخيال الشاعر من أفق لا نهائي دائم التجدد دائم التحول دائم الحركة) ولقد أجهدت نفسي في أن عرف لشاعرنا من شعره محبوبة واحدة تشقيه وتسعده وتهجره وتصله حتى يشعر في حبه بالحرمان والسعادة فما وصلت إلى ما أردت أن أعرفه. . . وقد يكون هذا (في عقيدتي) هو السر في أن شعر شاعرنا غنائي فطري، له جرس ورنين في مفرداته وتراكيبه، تشيع فيه المسرة والبهجة وتغمره البشاشة والطلاقة. . .

يعجبني من شاعرنا أنه صريح صادق، يعبر عن إحساسه وشعوره وحياته بلا تدجيل أو مداواة؛ فأنت لا تكاد ترى شاعراً من شعرائنا المعاصرين من يصرح فيقول:

ملأت بتفاحتها راحتي ... وبت لكرمتها عاصرا

أو يقول في التي (علمته كيف يحب وكيف يكره):

إذا فتح الباب تحت الظلام ... فكيف ارتماؤك في صدرها؟

وكيف طوى خصرها ساعداك ... ومرت يداك على شعرها

وما هذه؟ رعشة في يديك ... أم الكأس ترجف من ذكرها

<<  <  ج:
ص:  >  >>