للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقد دنس الجسد الآدمي ... حياة حرصت على طهرها

بكى الفن فيك على شاعر ... تسائله الروح عن ثأرها

نزلت بها وهدة كم خبا ... شعاع وغيب في قبرها

كذلك لا ترى معاصراً يقول مثل قوله يحث صديقته في (بحيرة كومو) على أن تنفي الحذر عنها وأن تعذره إن طغت روحه، أو ثأر جسمه:

ما تسرين؟ أفصحي ... إن في عينك الخبر

الغريبان ههنا ... ليس بجديهما الحذر

نحن روحان عاصفان ... وجسمان من سقر

فاعذري الروح إن طغى ... واعذري الجسم إن ثأر

أو مثل قوله في تاييس الجديدة):

أأنا الغريب هنا وملء يدي ... أعطاف هذا الأعيد المرح

خفقت على وجهي غدائرها ... فجذبتها بذراع مجترح

عرضت بفاكهة محرمة ... وعرضت لم أنطق ولم أبح

يا رب صنعك كله فتن ... كيف الفرار، وكيف مطَّرحي

هذا شعر رائع جميل، له وقع في النفس، ونشوة في القلب وما روعته وجماله إلا من صدق تعبيره، وصراحة أدائه، ثم من حيويته واتساعه وغليانه. . .

كذلك يعجبني من شاعرنا الرقيق أنه شاعر مصري صميم - على الرغم مما يعيبونه به من أنه شاعر الطبيعة الغربية - فهو لا ينسى بلاده حتى في تلك الأوقات الجميلة التي يقضيها في هذه الأجواء السحرية الناضرة. بل إنه ليكون غارقاً في لذته وبهجته وسكرته، ثم يهزه الحنين لنيله الجميل، فيمسك قيثارته ويغني في فخر ومباهاة:

قلت: والنشوة تسري في لساني ... هاجت الذكرى فأين الهرمان

أين وادي السحر صداح المغاني ... أين ماء النيل أين الضفتان

آه لو كنت معي نختال عبره ... بشراع تسبح الأنجم إثره

حيث يروي الموج في أرخم نبره ... حلم ليل من ليالي كيلوبتره

وهناك في (بحيرة كومو) - حيث الجمال والسحر - يهز الشاعر حبه لوطنه، فينطلق

<<  <  ج:
ص:  >  >>