ونقلنا في ما سبق من المقالة أن النصارى ببغداد سلموا من القتل والنهب والسلب وكل الأذى، وعين لهم أمراء من المغول يحرسون بيوتهم، وقال ابن الفوطي (وتقدم للجاثليق بسكنى دار علاء الدين الطبرسي الدويدار الكبير التي على شاطئ دجلة فسكنها ودق الناقوس على أعلاها واستولى على دار الفلك التي كانت رباطاً للنساء تجاه هذه الدار المذكورة، وعلى الرباط البشيري المجاور لها وهدم الكتابة التي كانت على البابين وكتب عوضها بالسرياني)
وقال في أخبار من عين في المراتب بعد الوقعة الهولاكية ببغداد (وعز الدين بن أبي الحديد كاتب السلة فلم تطل أيامه وتوفى، فرتب عوضه ابن الجمل النصراني) وعرض بهذه الغزوة الصليبية شمس الدين الكوفي إذ قال يرثي بني العباس:
ربع الهداية أضحى بعد بعدهم ... معطلا ودم الإسلام منسفك
ومما زاد شراسة هولاكو على المستعصم أن أحد أبناء عمه من السلاطين وهو بركة خان، كان قبل وقعة بغداد قد أسلم وراسل الخليفة المستعصم وصادقه، فاشتدت العداوة بينه وبين هولاكو من جهة السياسة والملك، ومن جهة الإسلام والوثنية وحماية النصرانية، وكان بركة خان مستوياً على شمال ارمينية وشمال جبال القبق (قفقاسية)، فلما سمع بنكاية هولاكو جد في محاربته وشرد بجنوده في وقعات عدة، كانت عاقبة أخرهن ان مات هولاكو كمداً وأسفاً لانكسار جيوشه، وانتفع مماليك مصر بهذه العداوة.