والحقد عليه، حتى أن ابن الفوطي لما كتب الحوادث الجامعة قال (ذكر من توفى من الأعيان بعد الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي في جمادي الآخرة ببغداد وعمره ثلاث وستون سنة، كان عالماً فاضلا أديبا يحب العلماء ويسدي إليهم المعروف، وتوفى علم الدين أحمد أخوه بعده) ووجد في الحاشية تعليق على هذا القول صورته (إلا أن خيانته لمخدومه تدل على سوء أصله) فان كانت مؤلفات ابن الفوطي بقيت على التسويد - كما ذكر العماد الحنبلي في شذور الذهب - فيظهر لنا ان المؤلف قد أثرت في نفسه إشاعة تهمة ابن العلقمي فاستدركها على نفسه مع عدم اقتناعه بصحتها في أول التأليف وبقي هذا الاستدراك مشيراً إلى ضعف الاتهام وصعوبة أمره على الإفهام.
ولم تكن حملة هولاكو على بغداد إلا حملة صليبية شرقية، فقد ذكر ابن العبري أن المسيحية انتشرت بين المغول في القرن السابع للهجرة، وأن جنكيز خان قد أوحى إليه بمحاربة الدول المسلمة، وأن امرأة هولاكو مسيحية، ويتضح ذلك من كتاب هولاكو إلى الملك الناصر ونصه كما في مختصر الدول:
(يعلم الملك الناصر أننا نزلنا بغداد في سنة ست وخمسين وستمائة وفتحناها بسيف الله وأحضرنا مالكها وسألناه مسألتين فلم يجب لسؤالنا، فلذلك استوجب منا العذاب - كما قال في قرآنكم -: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وصان المال، فآل الدهر به إلى ما آل، واستبدل بالنقوش النفيسة، نقوشاً معدنية خسيسة، وكان ذلك ظاهر قوله تعالى: (ووجدوا ما عملوا حاضراً)، إننا قد بلغنا بقوة الله الإرادة، ونحن بمعونة الله في الزيادة، ولا شك أنا نحن جند الله في أرضه خلقنا وسلطنا على من حل عليهم غضبه، فليكن لكم في ما مضى معتبر، وبما ذكرناه وقلناه مزدجر. . فان أنتم أطعتم أمرنا وقبلتم شرطنا كان لكم مالنا وعليكم ما علينا. . . فالله عليكم يا ظالمون، هيئوا للبلايا جلباباً، وللرزايا أتراباً، فقد أعذر من أنذر، وأنصف من حذر، لأنكم أكلتم الحرام وحنثتم بالأيمان، وأظهرتم البدع واستحسنتم الفسق فأبشروا بالذل والهوان فاليوم تجدون ما كنتم تعملون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، لقد ثبت عندكم أننا كفرة، وثبت عندنا أنكم فجرة، وسلطنا عليكم من بيده مقاليد الأمور مقدرة، والأحكام مدبرة. . . فسارعوا إلينا برد الجواب بتة، قبل أن يأتيكم العذاب بغتة، وأنتم تعلمون)