العربية، بتشجيع القائمين بأعمالهم المجيدة في صمت وسكون ورفق. ومن أعجب العجب أن تعقد المحاضرات والمناظرات الكثيرة التي تعتمد أكثر ما تعتمد على الثرثرة ومضغ الأحاديث والتمطق بمبذول الكلام، وتجتمع لهذه المحاضرات والمناظرات فئات كثيرة من طبقات الناس. وفي صدرهم كثير من أصحاب الأمر وعظماء الأمة ثم يعقد هذا المجمع مؤتمره مرة في كل عام - فلا يلقى من هذه الفئات ولا من هؤلاء العظماء ما هو أهل له من المتابعة والاهتمام أو المجاملة إن شئت
وكان الظن أن تعمل وزارة المعارف والجامعة وسائر المعاهد والوزارات التي يتناول المجمع - بعض ما يخصها أو يقع في حدود أعمالها - بالبحث والدرس والتحقيق والكشف: كان للظن أن تمهد هذه له سبيل إبلاغ صوته إلى أكبر عدد ممكن من المثقفين، تشجيعاً له للقائمين عليه، طلباً للمنفعة التي تأتي من إثارة اهتمام هذه الجماهير بنتائج الأبحاث العلمية وأنواعها، وضروبها المختلفة التي يقوم المجمع وأعضاؤه على إعدادها ومتابعتها والعمل على نشرها، لتكون سبباً من أسباب اليقظة العلمية التي تقتضيها النهضة الحديثة في الشعوب العربية
وقد جمعني مرة مجلس فيه فئة من كبار الأساتذة في بعض المعاهد العلمية العالية، فلم أجد عند أحد منه خبراً يعلمه عن هذا المجمع، فما ظنك بعمله أو إنتاجه أو غايته التي أريد لها إنشاؤه وتأسيسه؟ وهذا أمر يؤسف له، ويوجب على المجمع وعلى كل ذي رأي أن يعمل على تنبيه الوزارات والمعاهد إلى قيمة هذا العمل الذي يقوم عليه المجمع، وإلى توجيه أنظار الناس إليه بكل سبيل، حتى يستطيع أن يؤدي إلى الناس ما يرغب فيه من نشر الثقافة العلمية التي يحتاج إليها هذا الشعب في كل أغراضه وأعماله، وفي بعث الروح العلمية التي تكفل له القيام بالعبء المثقل الذي يريد أن ينهض به في بناء الحضارة الجيدة التي يتهيأ الشرق لوراثتها عن الحضارات التي هي في سبيل إلى الهلكة والتدمير والبوار
هذا وقد بدأ المجمع مؤتمره لهذه السنة بالمحاضرة التي ألقاها الدكتور حافظ عفيفي باشا عن (الأصول العلمية الحديثة وتطبيقها على الزراعة)، وقد عرض فيها لأهم ما يشغل الأسواق المصرية في هذا الوقت، وهو نظام الحاصلات والأسواق الداخلية، فأبان كل البيان عن وجه المصلحة التي يجب أن يقصدها القائمون على أمر الشئون الزراعية في