آه من موقف يود به المغ ... رم لو مات قبله، فاستراحا
وجناح النوى تضم ظباء ... لم تخف في دم الأسود جناحا
وهي تدلك على قصر باع شاعرنا في فن الغزل، وقد يكون ذلك راجعاً إلى أن عاطفته التي ينبعث منها الغزل كانت قفراء مجدبة، إذ هو ليس إلا رجل عمل وأسفار.
أما الوصف فهو كثير في شعره، وهو يصف لك ما رآه وشاهد في مصر وفي غيرها من تلك البلاد التي رحل اليها، ولقد كان للنيل ولمنارة الإسكندرية حظ في وصفه، وهناك منظر من طبيعة مصر قد رسمه شعرا يوم قال:
أنظر إلى الشمس فوق النيل غاربة ... واعجب لما بعدها من حمرة الشفق
غابت وأبدت شعاعاً منه يخلفها ... كأنما احترقت بالماء في الغرق
وفي الحق انه منظر يثير في النفس حب الجمال وحب الطبيعة. ذلك المنظر هو منظر غروب الشمس حيث تختفيي وراء الأفق تاركة وراءها حمرة الشفق بازغاً بعدها الهلال. كما كان لوصف أسفاره، ووصف ماركبه في تلك الأسفار حظ أي حظ في شعره، فوصف لنا الفرس، ووصف لنا السفينة، ووصف لنا ما كان يلاقيه في سفره، ولعل من أجمل ما قاله في الوصف تلك القصيدة التي يصف لنا فيها سفرة من أسفاره، ويحدثنا عن البحر وهدوئه ثم عصفه وارعاده، ثم يعطف على السفينة فيصفها، ثم على إخوانه فيتشوق إليهم، قال:
لو لم يحرم على الأيام انجادي ... ما واصلت بين اتهامي وانجادي
طوراً أطير مع الحيتان في لجج ... وتارة في الفيافي بين آساد
والناس كثر ولكن لا يقدر لي ... إلا مصاحبة الملاح والحادي
أقلعت والبحر قد لانت شكائمه ... جداً، وأقلع عن موج وإزباد
فعاد لا عاد ذا ربح مدمرة ... كأنها أخت تلك الريح في عاد
ونحن في منزل يسرى بساكنه ... فاسمع حديث مقيم داره غادي
لا يستقر لنا جنب بمضجعه ... كأن حالاتنا حالات عباد
فكم يصعر خد غير منصعر ... وكم يخر جبين غير سجاد. . . الخ
أما حين يحدثنا عن الطبيعة ويصفها فهو يشعرك أنه تلميذ لابن المعتز لكثرة تشبيهاته