وتضمين معانيه. وان شئت أن تتأكد من ذلك فاقرأ قوله:
سرت وجبين الجو بالطل يرشح ... وثوب الغوادي بالبروق موشح
وفي طي أبراد النسيم خميلة ... بأعطافها نور الربا يفتح
تضاحك في مسرى العواصف عارضاً ... مدامعة في وجنة الروض تسفح
وتروي به كف الصبازند بارق ... شرارته في فحمة الليل تقدح
تفرس منها البدر في متن أشقر ... يلاعب عطفيه النسيم فيرمح
باقي أغراض الشعر التي طرقها قليلة، ولكنه في هجائه قصير موجع بالرغم من ندرة الهجاء في شعره، ورثاؤه قليل كذلك، وهو لا ينسى فيه المحسنات اللفظية والجمال البديعي، أما عتابه فقليل كذلك، وهو يشتد ويوجع فيه ثم يلين ويرق، بعد أن يكون قد أوجع، واسمعه يعاتب.
أقبل بوجهك إني عنك منصرف ... فما أقول لسؤالي؟ وما أصف؟
خدعت فيَّ وغرتك الضراعة بي ... ومال تيهاً بك الإعجاب والصلف
وكان من سيئاتي أنني أبداً ... إليك في سائر الحالات أختلف
إلى أن قال:
أنت الكريم وقد قال الألى مثلا ... إن الكرام إذا ما استعطفوا عطفوا
متى أقول: صباح لاح شارقة ... فضم رحلك وارحل أيها السدف
تلك أهم أغراض الشعر التي طرقها ابن قلاقس
لم يعمر شاعرنا طويلا كما ذكرت، بل مات وهو في سن الخامسة والثلاثين، ويخيل إلى أن الهرم أصابه سريعاً حتى صح له أن يقول وهو في سن الثلاثين:
مدت إلى الأربعو ... ن يداً وقد قهقرت عشرا
فكنت تراه في سن الثلاثين كأنه قد أوفى على الأربعين، ولعل الشيب قد لحقه سريعاً، فمضى يذم الشيب ويتحسر على فقد الشباب شأن كل شاب يريد أن يتمتع بالحياة فيلحقه الشيب، ويغير على لمته.
أحمد أحمد بدوي
المدرس المنتدب بثانوية نابلس