رشيد وفتاة معه، يا ويلتا! إنه لهو، وتلك صديقتها (سعدية) وما لرشيد وسعدية؟. . . وأين وأيان اجتمعا؟. . . أتراه حين هجرها أبدل بها صديقتها؟. . . ولكن سعدية مسماة منذ سنوات على ابن عمها. . . أتراها هجرته بعد أن مات أبوه. . .؟
وخنقتها عبرة، ودار رأسها وكادت تسقط، فاستندت إلى الحائط؛ وتوارى الفتى وفتاته في زحمة الناس؛ وثابت نضار إلى نفسها، فاستأنفت السير؛ وكان فتيان وفتيات يزحمون الطريق مثنى مثنى، وكأن كل اثنين من نجواهما في خلوة. . ومضت تشق طريقها وفي نفسها عواطف تصطرع وتثور؛ وهتف هاتف في أعماقها: أكل أولئك. . . وأنت وحدك. . .؟
وهمت أن تعود من حيث أتت، فتجلس ساعة على المقعد الذي كانت تجلس عليه في شارع مسبيرو، على الشاطئ النيل. . . حيث قال لها فتى منذ قليل: أنت وحدك. . . وأنا وحدي. . .! فمالها طاقة على مثل هذه الوحدة الذليلة. . . واليوم عيد الربيع. . .!
وراحت تصعد السلم درجة درجة وهي تعد، وكان البواب جالساً يهمس في أذن ضيفه؛ ورنت ضحكة البواب وصاحبه في أذنيها، فوقفت وأحمر وجهها من الغضب؛ أتراه يحدّث صاحبه عنها؟ فماذا يقول؟. . . أم تراه يحسبها فتاة كبعض مَن رأت اليوم؟ ومِن أين له أن يعرف حقيقتها؟. . .
وما ظنُّ الناسِ بفتاة عزباء، تعيش وحدها في غرفة على السطح، ليس لِباب السطح بواب، تخرج حين تخرج وحدها وتعود حين تعود، لا يعرف أحد أين ذهبتْ ومن أين جاءتْ؟
. . . وتماسكتْ من ضعف، واستأنفت الصعود. . . وبلغتْ غرفتها فارتمت على سريرها باكية!
وأخذتها غفوة واستيقظت أحلامها؛ ولما صحْت من غفوتها بعد ساعة؛ كانت نظرتها إلى الحياة غير ما كانت. . . وماذا يجديها أن تحرص على التزام الجادة والناس هو الناس، وكل فتاة عندهم ككل فتاة؟
. . . وجلستْ نضار إلى المرآة تتزين - المرآة التي لم تجلس إليها منذ عام مجلسَ فتاةٍ