كذلك للطبقة الثالثة وهي العمال آداب ومعاملات ومثل خاصة وفن وذوق تنفرد به مع ميل إلى التبذير والكرم. وأجسام هذه الطبقة بصورة عامة أقصر من أبناء الفلاحين أو سكان المدن من الطبقتين طبقة الأعمال العقلية وطبقة الأشغال العملية والتجار ولكنها أكثر إنتاجاً في النسل من طبقتي سكان المدن، وأقل من الفلاحين كما أن شكل رأسها أصغر من الطبقات الثلاث، ويميل إلى الاستدارة. وفي المدن الصناعية تميل إلى لحم الخنزير وإلى اللحوم الباردة لأن النساء لا تترك المعامل لذلك فليس لها الوقت الكافي للطبخ. أما الطبقة الثانية وخصوصاً أصحاب رؤوس الأموال والتجار، فهي تتكلم مثلاً بصورة أسرع من الفلاحين أو العمال، ولا يميلون إلى التفكير العميق المنطقي، وكذلك لها ذوق خاص تجاري في التأثيث وفي الفن والمعيشة بينما الطبقة ذات أجسام طويلة وشكل الرأس كبير بالنسبة إلى الجسم فيها، والعظام فيها دقيقة والعضلات غير مفتولة بالنسبة إلى الفلاحين أو العمال، والوزن أثقل من العمال، والطفل الفقير في المدرسة يرى أصغر بعام تقريباً من طفل الغني الذي في عمره العمر. وهذه الطبقة - وخصوصاً الغنية منها - غير مخصبة في إنتاج النسل، وقد علل ذلك تعليلاً كثيراً لا يدخل في هذا الموضوع. ونرى من إحصائية عن قابلية النسل في السويد أن كثيراً من العائلات العريقة تضمحل وتفنى لانقطاع نسلها
والفرق بارز كذلك جسمياً وعقلياً بين سكان المدن وأبناء الأرض من الفلاحين والزراع فقحف الرأس والملامح الجسمية وشكل العظم، وكذلك طراز التفكير واللغة، تختلف مظاهرها عن مظاهر سكان المدن، وقد دل الإحصاء على أن ٤١ في المائة من سكان مدينة برلين كانوا لائقين للخدمة العسكرية بينما كان ٦١ في المائة من سكان الأرض يصلحون في نفس الوقت. فهذه النقاط تجعل المرء يسبح في بحر من التعليل. وتدفع به إلى الاعتقاد بتأثير المهنة والمحيط على الإنسان عقلياً وجسمياً. وزاد في اعتقادي ذلك ما وجدته بصورة عملية من تقارب بين موسيقى الأكراد سكان المنطقة الكردية العراقية ورقصهم واختيار ألوان ملابسهم وبين سكان منطقة بايرن في ألمانيا مثلاً مع ما بين الشعبين من الاختلاف. وهذا ما يدفع الإنسان إلى دراسة عقليات الطبقات المختلفة، والبحث عن القواعد المشتركة التي تتميز كل طبقة بها عن الأخرى